أخبار عربيةالأخبارسوريا

ارتفاع ملحوظ في عمليات الاغتيال في ريف دير الزور السوري

تتنامى موجة من عمليات التصفية بشكل ملحوظ، لاسيما خلال الأسابيع القليلة الماضية، في محافظة دير الزور شمال شرقي سوريا، حيث تكررت حوادث الاغتيال التي تستهدف غالباً موظفي الإدارة الذاتية ومقاتلي قسد أو قوى الأمن الداخلي «أسايش» التابعة لها، حتى أضحت هذه الأحداث مشهداً شبه اعتيادي في الشمال الشرقي لسوريا وسط حالة من الفوضى الأمنية الخلاقة، والتي تقف ميليشيا «قسد» التي تفرض سيطرتها على المنطقة عاجزة أمامها.

ويرى مراقبون أن ريف المحافظة الشرقي الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد» هو القسم الذي يتصدر القائمة، فلا يكاد يمر يوم إلا وتحصل فيه عملية اغتيال لأحد عناصر «قسد» أو قيادييها أو أحد وجهاء عشائر المنطقة أو موظفي المنظمات الإنسانيّة العاملة فيها.

وشهدت الأيام الفائتة، عدداً من عمليات الاغتيال التي أدت إلى مقتل أحد وجهاء عشيرة بني سبعة، حيث قتل بعيد اجتماع له مع ميليشيا الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري، وتعرض الجريان لثلاث طلقات نارية في الصدر عندما كان أمام منزله شمال شرقي المشفى الوطني في مدينة القامشلي والتي تخضع للسيطرة النارية للدفاع الوطني.

 

اتهامات متبادلة

 

كما سبق ذلك بيومين، محاولة اغتيال أحد أبرز أعضاء الشخصيات المجتمعية التي قدمت مبادرة للحل والحفاظ على السلم الأهلي في القامشلي، «حسن فرحان الطائي» وذلك خلال مرحلة من المفاوضات المتعثرة بين ميليشيا قوى الأمن الداخلي «الأسايش» التابعة للإدارة الذاتية الكردية، ومليشيا الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري، فيما فقدت وحدات حماية الشعب «زنار كوباني» وهو المسؤول الأول عن المجالس المحلية التابعة «لقسد» في مناطق سيطرتها في ريف دير الزور، كما أدت عمليات الاغتيال هذه لمقتل تسعة من عناصر «قسد» في حوادث متفرقة، وموظفين اثنين في إحدى المنظمات الإنسانية المحلية العاملة في المنطقة.

 

ويتهم شيوخ ووجهاء عشائر دير الزور قوات النظام السوري والميليشيات التابعة لها في الحسكة والقامشلي بعمليات الاغتيال، معتبرين أن هدف النظام السوري ضرب الاستقرار والتآخي بين الكرد والعرب في شمال وشرق سوريا.

وسائل إعلام موالية، ردت بدورها على الاتهامات، وعزت السبب إلى سياسة «قسد» الفاشلة في إدارة المنطقة والتضيق على الأهالي، وذكر المصدر أن أهالي بلدة تل حميس في القامشلي في ريف الحسكة الشرقي، خرجوا بتظاهرة احتجاجاً على ممارسات «قسد» بحقهم ومنعها وصول مادة الخبز إليهم حيث أقدمت مجموعات مسلحة منها (قسد) على منع المواطنين الموجودين في ساحة الفرن من الحصول على حصصهم من مادة الخبز وأبعدتهم بالقوة من محيط الفرن، فيما تقول تقارير واردة من الحسكة ودير الزور بأن الاهالي غاضبون من تضييق «قسد» عليهم، وليس الخبز وحده هو آخر الحكايات، بل يشمل ذلك الاعتقالات التعسفية ومصادرة الاملاك والاراضي أيضاً، وأضاف: هذا المشهد هو الذي أدى إلى سيناريو التصفيات بحق مقاتلي قسد وعناصر الأسايش، وتسجيلها دوماً ضد مجهول، وتكون نتيجتها حملات اعتقالات واسعة بين الأهالي.

ووفقاً للمصدر فقد شهدت المنطقة قبل أيام مقتل القيادي بصفوف مسلحي قسد آراس مراد بانفجار عبوة ناسفة بسيارته العسكرية على طريق رميلان اليعربية، فيما قتل عنصران آخران من عناصر PYD/PKK جراء انفجار عبوة ناسفة بسيارة عسكرية قرب قرية الرحيات شمال الرقة، وفي دير الزور قبل أيام تم استهداف حاجز تابع لقسد في بلدة الصور في ريف دير الزور الشمالي، أما في بداية الشهر الجاري فقد قتل عنصر تابع لقسد، وإصابة أربعة آخرين بتفجير عبوة ناسفة في بلدة ذيبان في ريف دير الزور الشرقي، وكذلك اغتيال ثلاثة عناصر آخرين، في البلدة ذاتها من قبل مجهولين يركبون دراجة نارية.

 

الجهات الفاعلة

 

خبراء ومحللون اعتبروا أن المسؤوليّة والمصلحة في هذه العمليات، تتشارك فيها جهات فاعلة محلية أو دولية عدّة وأهم هذه الجهات برأي الباحث السياسي لدى مركز جسور للدراسات عبد الوهاب عاصي هي العشائر ذاتها بسبب التنافس والصراع العشائري، حيث قال، قد يكون هذا التنافس هو السبب وراء نسبة محدودة من عمليات الاغتيال في المنطقة، خاصة أنَّ المنطقة هي منطقة عشائريّة بالكامل وتشهد تنافساً عشائرياً محدوداً على السلطة والامتيازات.

كما وجه المتحدث لـ»القدس العربي» أصابع الاتهام إلى خلايا النظام السوري وروسيا وإيران، حيث قال: إن عدم تصريح النظام السوري أو أي من حلفائه الدوليين بمسؤوليتهم المباشرة عن أيٍّ من عمليات الاغتيال التي تحدث في المنطقة لا ينفي عنهم تهمة الوقوف وراء جزء كبير منها، فالنظام وحلفاؤه لديهم مصلحة في استهداف الاستقرار في بقية مناطق السيطرة في سوريا، كما أنَّ لديهم مصلحة في الضغط على الإدارة الذاتية من أجل التجاوب مع مطالبهم بخصوص توريد النفط إلى مناطق سيطرة النظام.

كما تتحمل خلايا تنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عن جزء كبير من هذه العمليات الأمنيّة، إذ أنه يتبنى أغلب العمليات التي يقوم بها، فالتنظيم وبالرغم من فقدانه السيطرة على المنطقة منذ أكثر من عامين، إلا أنه لازال يمتلك شبكة خلايا أمنيّة واسعة وعميقة تتبع له وتنفذ استراتيجيته داخل المنطقة، خاصة أنَّ جزءاً كبيراً من أعضاء هذه الخلايا هم من أبناء هذه المنطقة العارفين بجغرافيتها وطبيعتها وتركيبتها، أو من النازحين السوريين أو العراقيين المنتشرين بكثرة في هذه المنطقة.

وفي محاولة من التنظيم لإثبات سطوته وقدرته على السيطرة على المنطقة فإنه يعمد إلى استهداف كل شخص على صلة بقسد أو بالإدارة الذاتية، سواء كان من العسكريين أو الموظفين المدنيين أو الوجهاء الموالين لقسد.

وهناك عدد من الأسباب التي قد تكون سبباً لتنامي هذه الموجة الحالية من عمليات الاغتيال والعمليات الأمنية في مناطق سيطرة «قسد» بدير الزور، ومن أهمها وفق عاصي، انشغال «قسد» وتركيزها على العمليّة الأمنية الأخيرة التي أطلقتها بدعم من قوات التحالف الدولي في مخيم الهول، وما يترتب عليها من رغبة تنظيم داعش في إشغال «قسد» عن العمليّة، وضربها بعيداً عن المخيم، والرد على اعتقال عدد من أعضاء خلاياه المتواجدين في المخيم.

 

فساد… واختراق أمني

 

فضلاً عن تفشي الفساد الإداري في كافة مفاصل الإدارة الذاتية المدنية والعسكرية، وتردي الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار، ويشكل هذان الأمران أرضية مثاليّة ومناخاً مناسباً لأي عمليات اختراق أمني محتملة في المنطقة.

وتوقع المتحدث أنه في حال استمرار موجة الاغتيالات على هذه الوتيرة، أن تطلق «قسد» حملة أمنيّة واسعة في المنطقة شبيهة بحملة «ردع الإرهاب» الّتي أطلقتها في حزيران/يونيو 2020 في ريف دير الزور، حتى تستطيع استعادة توازنها الأمني في المنطقة كحل إسعافي يُعيد للمنطقة اسـتقرارها النسبي ولو لفترة مـن الزمن.

واستدرك عاصي بالقول، رغم ذلك لكن هذا الاستقرار لن يدوم طويلاً ما لم تقم «قسد» والإدارة الذاتية بإيجاد حلول جذرية وحقيقيّة للمشاكل والتحديات الّتي تواجهها في إدارة المنطقة، كحل مشكلة مخيم الهول والبطالة والفساد، ومشكلة العلاقة مع المجتمع العربي في مناطق سيطرتها، وخاصة العشائر، والتوقف عن سياساتها الجائرة، وخاصة سياسات التجنيد الإجباري وسياسات الاعتقال التعسفي.

زر الذهاب إلى الأعلى