أخبار عالميةالأخبار

مقتل الرئيس التشادي.. هل تلقت فرنسا صفعة جديدة؟

أعلن متحدث باسم الجيش في تشاد الثلاثاء، أن رئيس البلاد إدريس ديبي لقي حتفه على جبهة القتال مع المتمردين الشماليين، بعد يوم من إعلان فوزه بفترة رئاسة سادسة.

 

وقال المسؤولون عن حملة ديبي الانتخابية الاثنين، إنه توجه إلى الخطوط الأمامية للانضمام إلى القوات التي تقاتل “الإرهابيين”.

 

وهاجم المتمردون المتمركزون عبر الحدود الشمالية في ليبيا موقعاً حدودياً يوم الانتخابات، ثم تقدموا لمئات الكيلومترات جنوباً عبر الصحراء.

 

وذكر بيان للجيش أنه شُكّل مجلس عسكري انتقالي لإدارة البلاد، بقيادة محمد إدريس ديبي، نجل الرئيس الراحل، قائد الحرس الرئاسي.

 

كان ديبي (68 عاماً) وصل إلى السلطة في تمرد عام 1990، وهو أحد أكثر الرؤساء الأفارقة بقاءً في السلطة.

 

ووصل إدريس ديبي إلى السلطة بعدما عيّنه الرئيس التشادي السابق حسين حبري قائداً عامّاً للقوات التشادية، ثم مستشاراً رئاسياً للشؤون العسكرية.

 

وبعد اختلافهما أسّس ديبي حركة مسلحة سمَّاها “حركة الإنقاذ الوطني”، وأطاح بحبري ثم تولى الرئاسة في فبراير/شباط 1991.

 

وحسب تقرير لوكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، لا يمكن على الفور تأكيد ظروف وفاة ديبي، لكونه لم يُعرف بعد سبب زيارته منطقة المعارك، وما إذا كان يقاتل بنفسه في الاشتباكات الجارية مع المتمردين المعارضين لحكمه، أم كان في زيارة للقوات المشاركة واستُهدف هناك.

 

اشتباكات مع المتمردين

 

كانت القوات التشادية الموالية لديبي أعلنت الاثنين مقتل أكثر من 300 متمرد قادوا توغلاً قبل ثمانية أيام في شمال البلاد، إضافة إلى مقتل خمسة جنود في القتال، وأكدت حكومة إدريس ديبي أن الوضع تحت السيطرة.

 

وفي سلسلة جبال تيبستي على الحدود مع ليبيا، يخوض المتمردون باستمرار مواجهات مع الجيش التشادي. وقد وقفت عمليات قصف فرنسية بطلب من إنجامينا في فبراير/شباط 2019 تقدم المتمردين الذين جاؤوا من ليبيا لمحاولة الإطاحة بالرئيس ديبي.

 

وفي فبراير/شباط 2008 تمكن المتمردون في هجوم من الوصول فعلياً إلى أبواب القصر الرئاسي قبل صدهم بفضل الدعم الفرنسي.

 

وتضمّ إنجامينا مقر عملية “برخان” الفرنسية “لمكافحة الإرهاب” في منطقة الساحل التي أُطلقت في 2014. ولفرنسا وجود شبه دائم في مستعمرتها السابقة منذ الاستقلال في 1960.

 

رجل باريس المدلل

 

من هذا التتبع التاريخي للوجود الفرنسي على الأراضي التشادية، يوجد ثابت لا يتغير، هو الدعم المطلق لهذه السلطة في جمهورية تشاد، إحدى مستعمرات فرنسا السابقة بمنطقة الساحل والصحراء الكبرى.

 

هذا الدعم الذي أبقى حكومة ديبي على قيد الحياة بفضل ما قدّمته القوات الفرنسية المرابطة في تشاد منذ حصولها على الاستقلال.

 

واعتمد ديبي في إمداد سلطته بعناصر بقائها بعد الجيش والقمع على عائدات النفط التي يشتري بها الدعم والحماية التي توفرها له باريس، وهو ما جعل فرنسا تتدخل لحمايته في أكثر من مناسبة على مدار أكثر من 30 عاماً.

 

السبب الفرنسي خلف كل هذا الدعم أن تشاد تحتلّ موقعاً استراتيجياً ومركزياً للمصالح الفرنسية.

 

تحاول فرنسا أن تدفع تشاد إلى أن تصمد في وجه التمدد الليبي القديم (ليبيا القذافي)، كما أنها تتدخل في حرب دارفور من الغرب، بالإضافة إلى أن تشاد مؤهلة للعب دور عملي لاحتواء مسلحي تنظيم “بوكو حرام” الإرهابي شرق نهر النيجر، وشمال الكاميرون، وفي نيجيريا، وفي النهاية حاول ديبي طوال سنوات أن يُظهِر فائدته في الحرب الفرنسية بمنطقة الساحل الاستراتيجية لفرنسا.

 

فتّش عن روسيا

 

تحاول قوى دولية أن تجد لها بوابة عبور إلى إفريقيا من خلال الملف الليبي، بخاصة عبر النفاذ إلى منطقة الساحل الاستراتيجية، وفي مقدمة هذه القوى روسيا التي دعمت في ليبيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، ومن خلال مرتزقة “فاغنر”.

 

ومهدت قمة سوتشي الروسية-الإفريقية في أكتوبر/تشرين الأول 2019 للإعلان عن حضور روسي قوي في تلك المنطقة، خصوصاً في ظل تراجع فرنسي وأمريكي، ورغبة روسية في ملء الفراغات.

 

وقد شارك 34 زعيماً إفريقياً في القمة الروسية الإفريقية التي انعقدت يومَي 23 و24 أكتوبر/تشرين الأول 2019 بمنتجع سوتشي الروسي المطل على البحر الأسود.

 

وفي إطار القمة نُظّمت 35 فاعلية رسمية وعُقد 1500 اجتماع، وشهدت توقيع اتفاقيات مختلفة بين روسيا والدول الإفريقية بقيمة 12.5 مليار دولار.

 

أغلب تلك الاتفاقيات كانت حول السلاح والمعدات العسكرية التي تُعَدّ المجال التقليدي للصادرات الروسية إلى إفريقيا.

 

وقد يشير البعض هنا إلى رغبة روسية في الحضور في تشاد عن طريق الجماعات المتمردة التي انطلقت من الجوار الليبي، لكن لا يوجد حتى الآن كثير من الأدلة على ذلك.

 

ورغم ذلك ففي خلفية هذا الصراع الجديد في جغرافيته بوجهة نظر البعض، يدور تنافس محموم على النفوذ بين روسيا الصاعدة وفرنسا صاحبة النفوذ الراسخ في المنطقة، كالذي يحدث تماماً في إفريقيا الوسطى بين موسكو وباريس.

 

وكالذي حدث في إفريقيا الوسطى حيث كانت روسيا مستعدة تماماً لاغتنام فرصة الاقتتال الداخلي وكسب موطئ قدم في بلد إفريقي تمتلك معه علاقات قديمة معه تعود إلى العهد السوفييتي، تحديداً إلى السنوات المبكرة لاستقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسي في الستينيات.

 

واتجهت روسيا في هذا الصدد إلى التركيز على مجال الأمن، إذ لعبت بورقة مكافحة الإرهاب هي الأخرى، كما شكّلَت القوات العسكرية الروسية والخاصة حضوراً واضحاً في التدريب العسكري وعمليات التسلُّح في إفريقيا.

 

إضافةً إلى تدخُّلها في مناطق النزاع ودعمها قوات حفظ السلام بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي والدول الإفريقية، وتدخُّلها ليس بعيداً عمّا حدث في تشاد والسودان ومالي وإفريقيا الوسطى وليبيا.

زر الذهاب إلى الأعلى