أخبار عربيةالأخبارسوريا

هيئة تحرير الشام تواصل حملتها لإثبات قدرتها على إدارة الملف العسكري والأمني في سوريا

في إطار حملة أمنية تشنها هيئة تحرير الشام، التي تقدم نفسها باعتبارها الجسم العسكري والإداري الأقوى شمال غربي سوريا، ضد متهمين بارتكاب جرائم في إدلب ومحيطها، وتنظيمات أخرى مصنفة أمنياً وعلى رأسها «حراس الدين» فقد قتل عدد من الأشخاص وأصيب آخرون، مساء الاثنين، في ريف إدلب الشمالي، خلال اشتباكات دارت بين عناصر جهاز الأمن العام التابع لهيئة تحرير الشام ومجموعة مسلحة يعتقد تورطهم بقضية قتل وزير في «حكومة الإنقاذ» التابعة أيضاً لتحرير الشام، كما اعتقل مجموعة من الأجانب المنتمين إلى مجموعات مسلحة في حلب وإدلب شمال وشمال غربي سوريا.

 

قوات مداهمة خاصة

 

ونشر «جهاز الأمن العام» عبر معرفاته الرسمية، صورًا تظهر لحظات مداهمة القوى الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام قرية كفردريان في ريف إدلب الشمالي، والاشتباك مع مجموعة مسلحة.

المتحدث باسم الجهاز ضياء العمر، قال في بيان، نشر عبر معرفات جهاز الأمن الرسمية، بعد يومين من التحقيقات التي أجريناها مع المجموعة الأولى من العصابة التي امتهنت الخطف والسطو المسلح للحصول على المال، حصلنا على معلومات جديدة عن أفراد آخرين مرتبطين بالعصابة نفسها.

ووفقًا له فإن أفراد العصابة اعترفوا بتنفيذ عمليات قتل سابقة بحق عنصرين من حركة أحرار الشام في مدينة دارة عزة غرب حلب، وكذلك سرقة العديد من السيارات في مدينة إدلب، كما أنهم توصلوا إلى معلومات إضافية من خلال التحقيقات مع أفراد الخلية المذكورين، كما توصلوا إلى مكان اجتماعاتهم في منزل ضمن قرية كفردريان في ريف إدلب الشمالي.

 

وأضاف أن قوات المداهمة الخاصة توجهت على الفور نحو الموقع المذكور لإلقاء القبض على بقية المتورطين، إلا أن أفراد العصابة اشتبكوا مع القوة الأمنية المداهمة واستُخدم السلاح الخفيف والمتوسط ليستمر الاشتباك قرابة الساعة، مشيراً إلى أن الاشتباكات انتهت بمقتل ثلاثة أشخاص بينهم متزعم العصابة، وإلقاء القبض على ثلاثة آخرين تم اقتيادهم إلى مراكز التحقيق الخاصة.

وشهد يوم الأربعاء الفائت مقتل وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة الإنقاذ السورية فايز الخليف بالقرب من قرية التوامة في ريف حلب الغربي، بعد أيام من اختفائه.

وفي العاشر من الشهر الجاري، أعلن جهاز الأمن العام التابع لتحرير الشام في بيان له عبر معرفاته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، عن تمكنه من إلقاء القبض على العصابة التي خطفت وزيراً وقتلته في حكومة الإنقاذ.

وقالت مصادر محلية، إن قوى الأمن قتلت اثنين أحدهما ليبي والآخر تونسي الجنسية، كما اعتقلت آخرين قاوموا عناصر القوى الأمنية لنحو ساعة، حيث اقتادتهم إلى مراكزها الأمنية، ووفقًا لمصادر فإن المسلحين متهمون بخطف وقتل وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة الإنقاذ.

 

الضغط على حراس الدين

 

وفي سياق سياستها الرامية إلى إجبار التنظيمات الجهادية على الانسحاب من الساحة أو التفكك أو الإذعان لرؤية الهيئة في ضبط الملف الجهادي، اعتقلت «هيئة تحرير الشام» مساء الاثنين، مجموعة من الأجانب المنتمين إلى مجموعات مسلحة في حلب وإدلب شمال وشمال غربي سوريا.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوة أمنية تابعة لهيئة تحرير الشام، اعتقلت قيادياً في تنظيم «حراس الدين» يدعى أبو هاجر الحلبي برفقة زوجته وأولاده، بعد مداهمة منزله في مدينة إدلب، في حين، تشهد المدينة في الوقت الحالي استنفارًا كبيرًا للعناصر الأمنية التابعة للهيئة من أجل تنفيذ عمليات اعتقال بحق جهاديين آخرين.

ووفقًا للمصدر فإن قوة أمنية تابعة لهيئة تحرير الشام، اعتقلت أيضًا قياديًا في تنظيم «حراس الدين» يدعى أبو أحمد الليبي، وذلك بعد مداهمة منزله في قرية السحارة في ريف حلب الغربي.

 

تفكيك الفصائل

 

وكان الليبي قد عمل سابقًا في صفوف «تحرير الشام» قبل أن ينشق عنها، وينضم إلى تنظيم «حراس الدين» قبل نحو عامين ونصف، ليرتفع تعداد الذين جرى اعتقالهم منذ مطلع الشهر الجاري، إلى نحو 13 شخصًا.

وبهدف إخضاع الفصائل الجهاديّة لرؤيتها، كانت هيئة تحرير الشام قد اعتقلت ضمن حملتها الأمنية، في الخامس والسادس من شهر أبريل/نيسان، سبعة أشخاص بينهم قاضٍ شرعي، من جنسيات غير سورية، ينتمون إلى تنظيم حراس الدين المتهم بولائه لتنظيم القاعدة وذلك بعد مداهمة منازلهم في كل من مدينة إدلب ومناطق القنية والحمامة واليعقوبية في ريف جسر الشغور غربي إدلب.

وتسيطر هيئة تحرير الشام على الملف الإداري في المنطقة، كما ترغب في إظهار قدرتها على إدارة الملف العسكري وضبط تفاصيله، لذلك فهي ترغب وفق خبراء في الشأن الجهادي بتفكيك الفصائل العسكرية في الشمال السوري، وتعتمد في حملاتها على الجمع بين الأسلوب الأمني والعسكري، حيث تبدأ الحملة الأمنية بهدف اعتقال القيادات الفاعلة في الفصيل وقطع تواصل العناصر بالقيادة ثم الانتقال للقضاء على الفصيل بالهجوم على مقراته في حال استمرار تماسكه بعد الحملة الأمنية.

وحول مآلات هذه الحملة ضد تنظيم «حراس الدين» على وجه الخصوص، والذي ينتمي بطبيعة الحال إلى تيارات القاعدة، أو يتقرب منها، يقول الخبير في شؤون الجماعات الجهادية عرابي عرابي: تسعى الهيئة منذ توقف المعارك الكبرى في آذار/مارس 2020 لإخضاع الفصائل الجهادية لرؤيتها، ولذا فهي تستغل الظروف الحالية باعتبارها ظروفاً مواتية لدفع تنظيم حراس الدين والشخصيات المستقلة المقربة منه للانسحاب من الساحة والإذعان لرؤية الهيئة.

ولتعزيز احتمالات نجاح الحملة فقد عيّنت الهيئة قيادات أمنيّة متشدّدة تجاه حراس الدين الأمر الذي يرفع من احتمال وجود أوامر باستهداف المطلوبين وإحضارهم على قيد الحياة أو في حال الوفاة.

وفي رأي المتحدث فإن الحملات الأمنية وحدها، قد تفلح في تفكيك الفصيل من قبل الهيئة، كما في حملتها على كتائب «ثوار الشام» التي تفككت تلقائيًّا بإيداع قياداتها والعناصر الفاعلة فيها داخل السجون مدّة طويلة، بينما لم تُفلح هذه الاستراتيجية الأمنية في تفكيك الفصائل الكبيرة كحركات «حزم» وأحرار الشام ونور الدين الزنكي مما دفع قياديي الهيئة لشنّ حملات عسكرية مركّزة لتفكيكها.

عمليا، فقد حققت الحملة أغلب أهدافها، حيث لم يبق للفصيل وجود فعليٌّ على الأرض بالتوازي مع تقديم طلباتٍ –سابقة- لقياداته بالخروج من سوريّا، مما يزيد من الفرقة الداخلية فيه، وتعزيز النزاعات التي قد تؤدي لانفراط عقده وذلك بالتوازي مع تصاعد الاستهداف المباشر من قبل التحالف، الأمر الذي سيدفع هذه القيادات -غالبًا- للاستمرار في التخفي أو الخضوع لمطالب الهيئة بناء على تنفيذ قاعدة أهون الشرور.

زر الذهاب إلى الأعلى