أخبار عربيةالأخبارسوريا

سوريون يخسرون ملجئهم الأخير في السودان ويواجهون الأسوأ

أشارت صحيفة “أوبزيرفر” في تقرير مشترك لزينب محمد صالح وإيما غراهام- هاريسون وحسين عكوش، إلى حسرة السوريين على خسارة ملجأهم الأخير في السودان. فقد كان الدخول للسودان وعدد من دول أفريقيا بدون تأشيرة، شريان الحياة للكثير من اللاجئين السوريين، ولم يعد كذلك بعد إغلاق الحدود أمامهم.

 

فعندما دخلت قوات النظام السوري، بلدة محمود الأحمد، خطط للسفر إلى السودان واستخدم كل الأموال التي وفّرها ودفعها للمهربين لنقله إلى تركيا، وكانت وجهته السودان حيث فتح صاحب الشركة التي كان يعمل فيها مصنعا للسجاد وعرض عليه وظيفة. والجزء الوحيد من الرحلة الذي لم يكن يقلقه هو السفر من تركيا إلى العاصمة السودانية الخرطوم.

 

وحتى العام الماضي، كان السودان هو البلد الوحيد في العالم الذي يسمح للسوريين الفارين من الحرب الأهلية في بلادهم بدخول أراضيه دون تأشيرة، والبدء بحياة جديدة هناك. ومع مرور السنة العاشرة على الثورة السورية، حُرم اللاجئون السوريون من هذا الملجأ الآمن. وأعلنت الحكومة السودانية عن مراجعة قرارات الجنسية التي مُنحت خلال العقد الماضي، وهو قرار ترك السوريين عالقين بدون معرفة ما سيحدث لهم.

 

وحصل آلاف من السوريين على الجنسية السودانية، وبدأ عشرات الآلاف منهم حياة جديدة في هذا البلد. وفي مكالمة عبر الهاتف من إدلب حيث يعيش الأحمد، قال: “لا تتخيل يأسي وخيبة أملي”، فقد حصل على وثائقه من أجل السفر عندما أُعلن عن السياسة الجديدة في السودان، الأمر الي لم يترك له أي خيار سوى العودة إلى العيش كلاجئ داخل وطنه. وقال: “لقد عرّضت حياتي للخطر على الحدود ودفعت الكثير من المال للمهرب لتجديد جواز سفري وتحملت التكاليف العالية للحياة في تركيا بدون أي نتيجة”. وزاد عدد السكان السوريين في السودان أثناء الحرب، حيث جذبهم البلد بسياسة الدخول بدون تأشيرة وسياسات التعليم والصحة.

 

وقدرت الأمم المتحدة عدد اللاجئين السوريين في السودان بحوالي 100 ألف نسمة، مع أن الإحصائيات غير الرسمية تقدر الأعداد بأضعاف ذلك. وفرّ عدد من السوريين إلى السودان بحثا عن حياة جديدة، ورأى آخرون أنه مَهرب لهم من الخدمة العسكرية الإجبارية في جيش النظام السوري، والمعروفة بقسوتها وعدد القتلى في صفوف المجندين.

 

وتحول السودان إلى منطقة لقاء بين السوريين في الداخل والخارج باعتباره المكان الذي يمكنهم اللقاء فيه بدون مشاكل. وقال امرأة إن زفافها قد أُجّل لانتظارها التأشيرة بعد عام من تعليق منح التأشيرات بسبب انتشار فيروس كورونا. وقالت: “عليّ الانتظار ثانية ولا أعرف إلى متى، بسبب التأشيرة”. وأَضافت من دمشق أنها لا تعرف متى ستحصل على التأشيرة، حيث لم ترد السلطات السودانية على طلبها. وبدأت السلطات السودانية بملاحقة الجوازات التي تم الحصول عليها بطريقة غير شرعية خلال الـ30 عاما الماضية، وألغت 3500 حالة تجنيس، ومعظم من جُردوا من جنسياتهم كانوا أصلا سوريين.

 

وقال محمد شكري الذي يعمل في واحد من المطاعم الراقية بالعاصمة الخرطوم، إنه ينتظر ردا على طلب الجنسية منذ 3 أعوام. وفرّ شكري من مدينة الرقة وهو في سن الـ17 عاما بعد اختفاء والده ونصف إخوته. وقال: “أشعر وكأنني في سجن، والفرق بين السجن الحقيقي وهنا، هو أن لدي مساحة أوسع أتحرك فيها”. وأضاف: “لا أستطيع مغادرة السودان باستخدام الوثيقة السورية أو العودة إلى سوريا حيث سيتم تجنيدي للقتال مع النظام وللأبد”.

 

ومنعت معظم الدول العربية دخول السوريين باستخدام جوازاتهم. وكان بعضهم يأمل باستخدام الجواز السوداني للحصول على وظيفة في الخليج. وفي الوضع الحالي يفكر بعضهم في العمل بطريقة غير قانونية في مصر، حيث سيواجهون الترحيل وأسوأ من هذا خيارات صعبة.

 

ووصل محمد خالد قبل شهر من إلغاء قرار الدخول إلى السودان بدون تأشيرة. وكان يخطط لاستخدام الأوراق السودانية والوصول إلى أوروبا.

 

وفي ظل الوضع الاقتصادي المتدهور للسودان، لن يستطيع محمد الحصول على المال لتحقيق خطته. وقال: “أفكر بخط التهريب من السودان إلى أوروبا” لكن الراتب الذي يحصل عليه وهو 18.000 جنيه سوداني (34 جنيه استرليني) ويرسل جزءا منه لوالدته وإخوته في سوريا، يجعل من السفر إلى أوروبا خيارا صعبا.

زر الذهاب إلى الأعلى