أخبار عالميةالأخبارسوريا

أول قضية في موسكو ضد مرتزقة فاغنر بتهمة ذبح وحرق سوري

نشر موقع “ديلي بيست” تقريرا أعدته كادنس روندو عن إمكانية محاكمة مرتزقة شركة التعهدات الأمنية فاغنر بعد ظهور تسجيل لهم في سوريا وهم يضربون رجلا بمطرقة ثقيلة ثم يذبحونه. وقالت إن المرتزقة الذين عملوا مع فاغنر قد يواجهون المحاكمة أمام المحاكم الروسية ولأول مرة بعدما تقدم عدد من محامي حقوق الإنسان المشاهير بدعوى قضائية في موسكو يتهمون فيها المتشددين بتعذيب وذبح رجل في سوريا.

 

وفي القضية القانونية التي أعلن عنها يوم الإثنين نيابة عن الضحية محمد (حمدي بوطة) طه عبد الله، اتهم المحامون الذين يمثلون شقيق الضحية ستة مواطنين روس الذين كانوا يعملون في عقد لتأمين محطة غاز روسية- سورية بأنهم الذين ارتكبوا عملية القتل في عام 2017، وهذه أول مرة يتم فيها تقديم اتهام لمرتزقة من شركة فاغنر المرتبطة بالرئيس فلاديمير بوتين. ويأمل المعارضون للجماعة المسلحة والتي قد يتم نقل القضية فيها إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بفضح حجم الانتهاكات التي قامت بها قوات الظل التي استخدمت لإخفاء العمليات السرية العسكرية الروسية حول العالم.

 

وبعد عام من الصمت الحكومي ومحاولة رفض الاتهامات يقول المحامون عن الضحية إن السلطات الروسية لم يعد لديها أي خيار بل والكشف عن علاقتها مع الشركة الأمنية مهما كان الأمر. وقال مازن درويش واحد من ناشطي حقوق الإنسان الذين دفعوا بالقضية ومدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير “نأمل أن يفتح الباب لكل الجرائم التي ارتكبتها مجموعة فاغنر وليس في سوريا فقط”.

 

وفي مقابلة عبر الهاتف جرت يوم السبت قال درويش إن القضية ضد ستة من أعضاء مجموعة فاغنر المسلحة قدمت بناء على بنود في القانون الجنائي الروسي والتي تنص على معاقبة ومحاكمة أي شخص تورط في التعذيب والتسبب بالأذى الجسدي والقتل. وقال درويش “لا يستطيعون القول إن هذا موضوع سياسي ودعاية لأننا قدمنا القضية في المحاكم الروسية وبناء على القانون الروسي. وسنذهب إلى موسكو، إلى منطقتهم ومحاكمهم وصلاحيتهم”. وكشف عن تورط شركة فاغنر في تعذيب وقتل عبد الله المعروف باسم حمدي بوطة في حزيران/يونيو 2017 عندما ظهرت لقطات قصيرة لا تتعدى الدقيقتين في موقع المهتمين بالعسكرية وهو “ريديت”.

 

ولم يقدم الفيديو تعليقات حول الجريمة ولكن رابطة إلى الفيديو المفصل الذي التقط عبر هاتف محمول، وبيد مهتزة، وظهر فيه روس يرتدون زي الصحراء العسكري وهم يتناوبون على ضرب بوطة بمطرقة ثقيلة. ويرى المحامون المشاركون في قضية موسكو أنها تعتبر خطوة مهمة نحو محاسبة فاغنر على جرائمها التي ارتكبتها في سوريا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تعمل عدة شركات مرتبطة بالكرملين ومسؤول أمني روسي هناك منذ 2017. وفي الدعوى القضائية المقدمة يوم الجمعة أكدت أن الحكومة الروسية تسيطر وبشكل كامل على الفرقة الروسية الخاصة التي قتلت بوطة في محطة غاز الشاعر. وتعرف باسم مجموعة فاغنر، إلا أنها عبارة عن شبكة من الشركات الروسية يمولها كما يقول الأمريكيون والأوروبيون يفغيني بريغوجين، المقرب من بوتين والمعروف بـ “طاهي بوتين”.

 

ومع أن مجموعة فاغنر اتهمت في الماضي بانتهاكات للقانون الدولي منها تجاهل الحظر على تصدير السلاح إلى ليبيا إلا أن القضية المتعلقة ببوطة هي الأولى التي يقدم فيها أفراد الوحدة الأمنية إلى محكمة في موسكو بتهم ارتكاب جرائم الحرب. وفي الشهر الماضي وضع مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي (أف بي آي) بريغوجين على قائمة أكبر المطلوبين ورصدت جائزة بـ 250.000 دولار لمن يقدم معلومات تقود إلى اعتقاله. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على بريغوجين لعلاقته المزعومة مع مجموعة فاغنر.

 

وتحتوي قضية موسكو على أربع لقطات فيديو منفصلة تصور عددا من المتحدثين باللغة الروسية وهم يضربون ويقطعون رأس الرجل السوري ويحرقون جثته المشوهة في محطة الغاز الطبيعي بالشاعر والتي تعتبر مركز عقد بملايين الدولارات للغاز والنفط تم توقيعه بين الشركة العامة للنفط السورية وستروي ترانس غاز، وهي شركة مملوكة من الدولة الروسية ويديرها غينادي تيمنشكو، المقرب من بوتين. ولم يذكر لا اسم غينادي أو بريغوجين بشكل واضح في العلاقة بقتل بوطة. وتشير التقارير الإعلامية ومراكز البحث إلى أن عمليات التنقيب عن الغاز التي قامت بها شركة “إيفروبوليس” التي يملك بريغوجين فيها حصة حسب السلطات الروسية حصلت على 162 مليون دولار كموارد من حقل الشاعر في 2017 وهو العام الذي قتل فيه بوطة.

 

ورفضت شركة ستروي ترانس غاز وشركة بريغوجين الرئيسية كونكورد كونسلتينغ أند مانجمينت الرد على المحامين الذين يمثلون عائلة بوطة قبل أن يتم الكشف عن تفاصيل الدعوى القضائية في موسكو يوم الإثنين. وبعد نشر الشريط الأول في حزيران/يونيو 2017 ظهرت ثلاثة أشرطة أخرى عام 2019 وتم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي الروسية. وبعد أيام من وضع المجموعة الثانية من أشرطة الفيديو وضعها محققون على تويتر، قام مراسلون لموقع “الجسر برس” ومقره باريس بنشر أول تقرير عن مقتل بوطة. وبعد أيام نشرت “نوفايا غازيتا” وهي واحدة من وسائل الإعلام المستقلة المتبقية في روسيا تقريرا قالت فيه إن ستانيسلاف ديشكو كان واحدا من المواطنين الروس الذين ظهروا في الفيديو وقاتل في منطقة دونباس المحاصرة، شرقي أوكرانيا، قبل سفره إلى سوريا للقتال مع مجموعة مرتبطة مع فاغنر.

 

وولد بوطة في آب/أغسطس 1986 في قرية من قرى محافظة دير الزور وليس بعيدا عن المكان الذي قتل فيه واحد من المشاركين في جريمة ذبحه، وهو فلايدسلاف أبوستول والذي قتل بعد أشهر من جريمة ذبح بوطة. وأكدت عائلته أنه كان واحدا من مئات المرتزقة الروس الذي قتلوا في غارات أمريكية على محافظة دير الزور.

 

وبعد فترة قصيرة في الجيش السوري عمل بوطة في مجال البناء وتزوج وأنشأ عائلة. وبعد اندلاع الحرب الأهلية سافر إلى لبنان بحثا عن عمل في البناء بعد تدهور الأوضاع الأمنية في دير الزور وسيطرة تنظيم الدولة على المحافظة. وبعد فترة عمل في لبنان قرر العودة إلى عائلته في دير الزور. وفي 27 آذار/مارس 2017 سافر مع مجموعة من أبناء محافظته في دير الزور عبر معبر بيروت- دمشق. واعتقلت السلطات السورية بوطة عندما اجتاز الحدود وسلم إلى أعضاء في الجيش السوري. وعند هذه النقطة أخبر أعضاء المجموعة التي كان بوطة معها نسيبه في بيروت أنه اعتقل. وبعد ذلك اتصل بوطة مع نسيبة وقال إن أعضاء في الجيش العربي السوري نقلوه إلى معسكر الدراج العسكري، وهو منطقة نشاط لمجموعة فاغنر.

 

وقبل مقتله قال بوطة إن الجنود المتحدثين بالروسية أجبروه على العمل العسكري ونقل ومن معه إلى حمص للسيطرة وحماية حقول النفط والغاز. وتسيطر الحكومة السورية على إنتاج الغاز والنفط والمعادن وتصديرها ووضعت الشركة العامة السورية للبترول استراتيجية للتنقيب والتطوير والإشراف على الشركات الأخرى بما فيها شركة النفط السورية وشركة الغاز السورية. إلا أن سوريا وكغيرها من الدول النامية تعتمد على الشركات الأجنبية للاستثمار والتنقيب. ووقعت شركة ستروي ترانس غاز التي يترأسها المقرب من الكرملين تيشنكو عقدا في شباط/فبراير بـ 22 مليون دولار.

 

وقال إيليا نوفيكوف، المحامي الروسي الذي تقدم بالدعوى القضائية مع بيتر زيكين إنه قرر التقدم بالدعوى بعدما فشلت لجنة التحقيق الروسية، وهي أعلى ادعاء روسي. وقال نوفيكوف إن “نوفايا غازيتا” طلبت من لجنة التحقيق الروسية فتح تحقيق لكن تم تجاهل طلبها. وقال نوفيكوف “أجبرونا كمدافعين عن حقوق الإنسان على الطلب من سلطات التحقيق الروسية” و”بالتأكيد هذا تكرار لما حدث قبل 20 عاما عندما ارتكبت التغييب القسري والتعذيب والقتل الفوري في أثناء النزاع المسلح في شمال القوقاز ولم يتم التحقيق فيه”. وقال درويش إن لدى السلطات الروسية 40 يوما للرد. ومنظمته واحدة من منظمات حقوق الإنسان التي طالبت بالتحقيق في مقتل بوطة وتضم المركز التذكاري لحقوق الإنسان في موسكو والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان في باريس.

 

ولو لم تنجح الدعوى في موسكو يخطط درويش مع نوفيكوف لنقل الدعوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، فرنسا. وفي عام 2018 قدمت السلطات الفدرالية دعوى ضد بريغوجين بتهمة التدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2016، ولا يعرف إن كانت القضية ستمضي بعدما أسقطت إدارة ترامب التهم ضد شركة بريغوجين، كونكورد في سانت بطرسبرغ. لكن أمر القبض في 16 شباط/فبراير الصادر في العاصمة واشنطن يظهر أن هناك اهتماما جديدا من وزارة العدل بمحاسبته. وبناء على قانون قيصر لحماية الشعب السوري يمكن للولايات المتحدة معاقبة أي شخص مرتبط بنظام الأسد، ومن هنا ستكون قضية بوطة مهمة وتراقبها الولايات المتحدة عن كثب.

زر الذهاب إلى الأعلى