اخبار تركياالأخبار

صحفي تركي تقاعد من عمله وكرّس حياته لمساعدة المحتاجين

بدأ الصحفي جونيت ذو الفقار بيتيكتشي أوغلو، بعد تقاعده بفعل الخير مستفيدا من “أرشيف الخير” الذي وثقه وجمع فيه أخبارًا وصورًا طوال فترة عمله بالصحافة، واحتوى أيضا على حكايات لأشخاص محتاجين.

 

يعمل جونيت ذو الفقار بيتكيتشي أوغلو،  صحفيًا في قطاع الإعلام منذ أعوام طويلة، وقد فتح أرشيفه عندما ترك حياته المهنية المليئة بالأنشطة وشعر بالفراغ. احتوى الأرشيف على قصاصات أخبار ومعلومات وصور بالإضافة إلى ما جمعه من قصص الناس المحتاجين الدرامية، ليقرر الخروج إلى الشوارع راكبا دراجته لتقديم المساعدة لكل محتاج.

 

يزور بيتيكتشي أوغلو، تجار الحي واحدا واحدا، يأخذ من البعض الخبز ومن البعض بعض المعجنات، ويتوجه أيضا إلى القصّاب والفرّان وصاحب المطعم، ويبدأ بملئ الأكياس المعلقة على مقود دراجته بما يجودون به من طعام. وقد تعرّف أغلب التجار عليه وأصبح صديقًا لهم، فأحبّوه ودعموه لكونه فاعلًا للخير وحلقة وصل بينهم وبين سلسلة من أفعال الخير، وتضاف حلقة جديدة لسلسلته في كل يوم.

 

يقوم بيتيكتشي أوغلو بفرز الأطعمة المجموعة حسب أنواعها والعنوان الذي سينقلها إليه، ويوزعها على الناس المحتاجة، ولا ينسى نصيب حيوانات الشوارع منها. يترقب قدومه المحتاجون، فهو يركب دراجته متوجها إلى نقاط محددة مسبقا ليوزع ما جمعه، ويعرف من يحتاج وأين وما حاجته، كما قام بتوسيع مجال عمله الخيري يوما بعد يوم، لزيادة دعم التجار له، ليتذكّر المحتاجين البعيدين ويدخلهم في دائرة المساعدة.

 

يدرك بيتيكتشي أوغلو، أنّ حيوانات الشوارع في إسطنبول لا تجوع، نظرا للازدحام السكاني فيها، لذلك يرسل طعامًا إلى حيوانات الشوارع المحتاجة في المناطق الصيفية مثل العبارات المغادرة من ميناء كاديكوي، ويقول: “تجوع الحيوانات في المناطق الصيفية بفصل الشتاء، فلا أحد يزور هذه المناطق شتاءًا، لذلك أرسل لهم الطعام إلى يالوفا وتشينارجيك بالعبارات المغادرة من ميناء كاديكوي، فأجلبها ويقوم عمال العبارة متطوعين بتحميلها وتسليمها، وأتنافس مع قادة العبارة في جلب الأطعمة”.

 

تحدث بيتيكتشي أوغلو، عن بداية مشروعه “أرشيف الخير” وكيف نما قائلًا: “عملت الكثير من الأخبار في مهنتي كصحفي، فقد كتبت أخبار الناس المحتاجة والأيتام وبذلت قصارى جهدي في مساعدتهم، وفكرت في نفسي بعد تقاعدي كيف أستطيع مساعدتهم، فقررت جمع بقايا الأطعمة من المتاجر مساءا مثل المعجنات، وإيصالها للمحتاجين في أماكن معينة، وجمعت أيضا بقايا طعام الحيوانات لتقديمه للحيوانات المحتاجة. يتطوع أشخاص للذهاب إلى المناطق الريفية، فأرسل معهم الأطعمة، وأتجول لجمع الطعام من التجار صباحا ومساءا، وأتوجه أيضا إلى الجزارين لجمع اللحوم والعظام الزائد”.

 

فتح بيتكيتشي أوغلو، أبواب منزله عندما بدأت أعماله الخيرية بالنمو، وقال: “أضع ما أجمعه في مخزن أسفل منزلي، ويبقى هناك لبضعة أيام، وأعطي منها لجيراني ليوزعوه أيضا. يتوحب علينا الاهتمام بالحيوانات، ويؤسفني رؤيتها في التلفزيون عندما يقوم البعض بركلها وضربها بالحجارة. إنها لا تهاجم أحدًا وليست غبية فهي تعرف من يؤذيها ومن يرحمها، فعندما تراني تقفز إلي، كما أن التجار والسكان عندما يرون ما أفعله يدعمونني بشكل كبير. أحيانا يقول لي القصاب (أعطيك ثلاث كيلوغرامات من اللحم المفروم من كل قلبي لتوزعها على المحتاجين)، فآخذها وأوزعها على المحتاجين، ويعطونني أيضا الدجاج والجبن والحلويات، ويقولون لي: (هل يمكنك إيصال هذه الأطعمة للمحتاجين، كفعل خير منا). يقول لي تاجر آخر: (أخي، لك منا هذه الأطعمة، فيا حبذا لو أعطيتها للمحتاجين، فرزقنا يزيد كلما أعطيناك). يقول لي فاعلو الخير: (نرجوك أخي لا تنسانا فنحن ننسى تقديم المساعدة إليك، لذلك تعال إلينا دائما، لقد ابتليت بنا). وآخر يقول لي: (سأخرج من زكاة مالي كل شهر، عليك أن تطلبها مني كل شهر)، وأنا آخذ منهم وأرسل إلى المحتاجين”.

 

أعرب بيتيكتشي أوغلو، عن سعادته بفعل الخير، وعن أن الوصول الى الفئات المحرومة هو دافعه الأكبر، فقد أعد عنها الكثير من التقارير طوال عمله بالصحافة، لذلك قرر القيام باتخاذ خطوات ملموسة. ويقول: “يتوجب على الجميع فعل الخير، فلا شيء يعدل فعل الخير، وينبغي على كل شخص أن يكون مفيدًا للناس وللحيوانات. يسعدني قيامي بذلك. وبعض الناس لا يبتسمون، ابتسموا قليلا، فحتى الابتسامة صدقة، فهي رسالة يراها الناس. يوجد اشخاص فقراء يتعففون عن ذكر فقرهم، ويقودني الله إليهم لمساعدتهم، وأيضا ينبغي علينا أن  نرحم الحيوانات ونساعدها دائما، ولا أفهم كيف يستطيع الناس النوم شبعانين في منازلهم بينما تلك الحيوانات جائعة”.

 

قدم جونيت ذو الفقار يتيكتشي أوغلو، بعد أعوام طويلة من عمله في مهنته، المساعدة للعديد من المحتاجين، مؤكدا عزمه مواصلة عمله الإنساني طوال عمره، راكبا دراجته وخارجا إلى الطريق ليجمع من الأغنياء ما يقدمه لمن ينتظره من المحتاجين.

زر الذهاب إلى الأعلى