أخبار عالميةالأخبار

كيف تحوّل الشمال الروسي إلى الإسلام القطبي

نشرت صحيفة “فزغلياد” الروسية تقريرا تحدثت فيه عن تقديرات خبراء متخصصين في تدفقات الهجرة بشأن تحول منطقة أقصى الشمال تدريجيا إلى ثالث أكبر منطقة يسكنها مسلمون في روسيا، وذلك بعد القوقاز ومنطقة الفولغا.

 

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن هذه المناطق الغنية بالنفط تجذب الشباب العاطل عن العمل في القوقاز وآسيا الوسطى، لذلك فإنه لا يتوقف عدد المسلمين في هذه المناطق عن النمو.

 

وبحسب دراسة أجراها معهد السياسة الاجتماعية التابع لـ”المدرسة العليا للاقتصاد”، قُدّمت نتائجها في ندوة “دراسات الهجرة”، فإن نسبة المسلمين في مدن مثل فوركوتا وونوفي يورنغوي تتراوح ما بين 15 و20 في المئة من إجمالي السكان.

 

ومن المتوقع أن تصبح المقاطعات الشمالية الغنية بالنفط في روسيا، تيومين وأوكروغ خانتي مانسي، ذاتية الحكم، وشبه جزيرة يامال وجمهورية كومي هما من بين أكبر المناطق في روسيا التي تضم سكانا من المسلمين.

 

وذكرت الصحيفة أن الازدهار الصناعي الذي شهدته هذه المناطق شجع المهندسين من تتارستان وباشكيريا على الهجرة إلى الشمال.

 

وانضم إليهم في التسعينيات مهاجرون من شمال القوقاز وعمال مهاجرون من أذربيجان وآسيا الوسطى.

 

وفي ظل التدفق المتواصل للمهاجرين من هذه المناطق، نمت نسبة المسلمين في الشمال لتصل في بعض المدن الكبرى إلى 15 في المئة.

 

في مدينة نوفي يورنغوي مثلا، التي يطلق عليها لقب “عاصمة الغاز” في روسيا، نشأت واحدة من أكبر تجمعات النوغاي في البلاد، حيث كانت هذه المجموعة العرقية مرتبطة سابقًا حصريًا بكراي ستافروبول وداغستان. وتضم منطقة تيومين 94 منظمة إسلامية رسمية، متجاوزة بذلك الشيشان.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن المسلمين في هذه المناطق تأقلموا مع خصوصية المجتمع الذي يعيشون فيه وظروف الطقس والتربة الصقيعية، حيث إنهم باتوا يدفنون موتاهم في توابيت وليس فقط في كفن.

 

وللسبب ذاته، يقع المتوضّأ داخل المساجد وليس في الفناء. ويقول خبراء المدرسة العليا للاقتصاد إن منتجات مثل لحم الغزال الحلال تباع أيضًا في المتاجر المحلية.

 

من جهته، يرى العالم السياسي الشيشاني رسلان مارتاغوف، أن سكان شمال القوقاز يعيشون في أقصى الشمال منذ العهد السوفييتي، وبدأت هذه المجتمعات تنمو بسرعة في التسعينيات.

 

أما أحمد يارليكابوف، وهو باحث أول في مركز شؤون القوقاز والأمن الإقليمي التابع لمعهد موسكو للعلاقات الدولية، فأكد أنه “يتم عادة دمج الزوار من آسيا الوسطى في الحياة المحلية من خلال ممثلين عن مناطق القوقاز.

 

وقال: “مع ذلك، فإنه لا يحتك المسلمون بجماعات أخرى من سكان الشمال، خاصة أن غالبيتهم من الوافدين الجدد. وقد تمكن الجزء المتحضر من سكان أقصى الشمال من العيش في تناغم إلى حد ما”.

 

في المقابل، يرى الخبراء أن المسلمين في أقصى الشمال يواجهون مشاكل عرضية محددة، حيث لا يتطابق اليوم القطبي والليل القطبي مع الإيقاع اليومي المعتاد، الذي يعتمد عليه جدول الصلاة أو صيام شهر رمضان.

 

ونقلت الصحيفة عن يارليكابوف أن “مثل هذه الخصوصية خلقت بعض المشاكل عند المسلمين. وبناء على ذلك، فقد قررت السلطات الدينية ربط الشعائر والمناسبات الدينية بأقرب مدينة يغيب فيها اليوم القطبي أو الليل القطبي. فعلى سبيل المثال، تتبع جزيرة يامال مدينة تيومين في مواقيت الصلاة والصوم”.

 

ويضيف يارليكابوف أن “العديد من المسلمين في الشمال أكثر التزاما دينيا مما هم عليه في وطنهم”.

 

وبحسب اللجنة الحكومية للإحصاء، فقد شكل المسلمون من المجموعات العرقية في أوكروغ خانتي مانسي ذاتية الحكم ما يقرب من 15 في المئة من السكان العام الماضي.

 

وتنحدر أكبر نسبة للمسلمين من التتار والبشكير، يليهم الأذر، من ثم شعب القوموق والليزجينيّون والأوزبك والطاجيك. وبشكل عام، يعيش 1.6 مليون مسلم داخل منطقة خانتي مانسي ذاتية الحكم. ويمثل التتار في جمهورية كومي 1.3 في المئة من مجموع السكان.

 

ويقول إمام خطيب من الجالية المسلمة في فوركوتا من مواليد داغستان، يدعى محمود باندي ماغوميدوف إنه “من بين 60 ألف ساكن، هناك حوالي 10 آلاف مسلم من أصل عرقي في مدينته معظمهم من عمال المناجم. لا توجد صراعات عرقية بين المسلمين، ولم تسجل أي حوادث من هذا النوع. وتنظم العديد من الفعاليات الثقافية والتعليمية والرياضية يشارك فيها الشباب بنشاط، بالتعاون مع الدولة والمؤسسات العامة في المدينة من أجل منع نشوب حالات صراع في مدينة متعددة الجنسيات”.

 

وأوردت الصحيفة نقلا عن ماغوميدوف، أن الزيجات المختلطة في المدينة نادرة. وبشكل عام، يتزوج سكان آسيا الوسطى بما في ذلك التتار والقوقاز من بعضهم.

 

مع ذلك، يعتقد ماغوميدوف أن توقعات خبراء المدرسة العليا للاقتصاد حول ظهور “منطقة إسلامية كبرى ثالثة” في شمال روسيا فكرة مبالغ فيها إلى حد ما. وهو يعتقد أنه من المرجح أن تتحول فوركوتا والشمال بشكل عام إلى “أوكرانيا الصغيرة” بعد ارتفاع معدل القادمين من أوكرانيا، ومن جمهوريات دونباس.

 

 

المصدر: عربي 21

زر الذهاب إلى الأعلى