اخبار تركياالأخبار

انقسام يهدد حزب الشعب الجمهوري العلماني بتركيا

يشهد “الشعب الجمهوري” التركي المعارض، حالة من الغليان، بعد استقالة ثلاثة من نوابه من الحزب، وإعلان المرشح الرئاسي السابق محرم إنجه، قربه من تشكيل حزب جديد.

 

وصباح الاثنين، أعلن 350 عضوا من منطقة “بالوفا” استقالتهم من حزب الشعب الجمهوري.

 

وبحسب بيان صادر عن الأعضاء المستقيلين، فإن الحزب فقد قاعدته “القومية”، ولم يستطع بالنأي بنفسه عن الإرهاب، كما أنه غير منظوره تجاه مبادئ أتاتورك.

 

وقالت صحيفة “صباح” إنه من المتوقع أن تمتد موجة الاستقالات من الحزب في مدن أخرى، فيما أعلن الـ350 شخصا أنهم سينضمون إلى “حزب الوطن” الذي سيؤسسه محرم إنجه.

 

والجمعة الماضي، أعلن ثلاثة نواب في البرلمان التركي استقالتهم من “الشعب الجمهوري” المعارض الذي يقوده كمال كليتشدار أوغلو.

 

واتهم النواب محمد علي تشيبي وحسين عوني أكسوي وأوزجان أوزال، قيادة الحزب بإقصاء عدد من النواب والأعضاء من الحزب.

 

وتسود الخلافات بالأساس، ما بين “الكماليين” داخل “الشعب الجمهوري، وشخصيات أخرى متهمة بالابتعاد عن “المبادئ التأسيسية” للحزب والتي بناها الرئيس التركي ومؤسس الحزب مصطفى كمال أتاتورك.

 

وتعد الاستقالات كما يرى مراقبون، وسيلة ضغط تمارس على كليتشدار أوغلو، من “الكماليين” لتصحيح مسار الحزب.

 

النواب المستقيلون طالبوا بفصل شخصيات لديها “مشاكل فكرية” مع مؤسس الحزب أتاتورك، من صفوف الحزب، والبدء بعقد مشاورات لإقناع من تم إقصاؤهم بالعودة إلى حزب.

 

وشددوا على ضرورة إدانة كافة أشكال الإرهاب، ووضع مسافة واضحة بين حزب الشعب الجمهوري، وقيادات “حزب الشعوب الديمقراطي” (على خلفية علاقاتهم مع منظمة العمال الكردستاني).

 

الديمقراطية معدومة في حزب الشعب الجمهوري

 

وفي تعليقه على استقالة النواب الثلاثة، قال محرم إنجه، إن الديمقراطية باتت معدومة في الحزب، مشيرا إلى أنه سيعلن عن استقالته قريبا جدا.

 

وأضاف، أنه سينشئ هيكلا سياسيا، قادرا على الحصول على أغلبية (50+1)، وأن النواب المستقيلين سينضمون إليه.

 

وكشف إنجه، أنه تم الانتهاء من إعداد النظام الأساسي للحزب، وأنه سيعلن في المرحلة المقبلة أسماء الأعضاء، لافتا إلى أنه على اتصال بالنواب المستقيلين، وأنه التقى بعدد من الشخصيات.

 

ويشهد حزب الشعب الجمهوري منذ منتصف العام الماضي، أزمات جدية، ويعد التشكيل الذي سيعلنه إنجه في الفترة المقبلة، الثالث الذي سيخرج من رحم الحزب الذي أسسه أتاتورك.

 

وفي تموز/ يوليو 2020، أعلن السياسي التركي البارز يلماز أوتورك تشكيل “حزب التجديد”، وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أعلن القيادي المنشق من “الشعب الجمهوري” مصطفى ساريغول، عن تشكيل حزب جديد هو حركة التغيير.

 

وترفض القواعد “الكمالية” لحزب الشعب الجمهوري، استمرار التحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي والمتهم بدعم منظمة العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة “كيانا إرهابيا”، وتعده مسؤولا عن عمليات عدة في الداخل التركي.

 

الشعب الجمهوري معرض للخطر في معقله “إزمير”

 

وقال الكاتب التركي، إرهان قولينتش، في مقال على صحيفة “يني عصر”، إن ولاية إزمير والتي تعد معقلا لحزب الشعب الجمهوري، ستشهد في المرحلة المقبلة عددا كبيرا من حملة الاستقالات من الحزب، والتي ستنضم إلى محرم إنجه.

 

ولفت إلى أن المعادلة السياسية قد تتغير في إزمير، وسيعرض تشتت الأصوات في الولاية حزب الشعب الجمهوري إلى خطر كبير.

 

كليتشدار أوغلو أصبح عدوانيا مؤخرا

 

الكاتب التركي حسن بصري يلتشين، قال في مقال على صحيفة “صباح”، إن هناك عدم ارتياح كبير بالفعل داخل قواعد الحزب، ويبدو أن الأمور لا تسير كما هو متوقع في الشعب الجمهوري.

 

وأشار إلى أن محتوى نبرة البيان الذي ألقاه أوزغور أوزيل بعد الاستقالات، يشعر بالقلق، لافتا إلى أن كليتشدار أوغلو أصبح عدوانيا جدا في الأيام الماضية.

 

هوية الحزب تتآكل

 

وأوضح أن هوية حزب الشعب الجمهوري بدأت بالتآكل، وتم استبعاد عدد كبير من “الكماليين” منه، مشيرا إلى أن ما يحصل هو تقسم فعلي للحزب الأتاتوركي.

 

بدوره قال الكاتب كورتولوش تايز، في مقال على صحيفة “أكشام”، إن حالة التمرد على كليتشدار أوغلو آخذة بالتزايد، مشيرا إلى أن السبب الرئيسي للمشاكل الداخلية وحركة الانفصال، هو ابتعاد زعيم الحزب عن “مبادئه التأسيسية”، فيما تتهمه شخصيات بارزة بتغييره لمحور الحزب.

 

وأشار إلى أن “الشعب الجمهوري” تحت قيادة كليتشدار أوغلو، ابتعد بالفعل عن المبادئ والقيم الأسياسية التي تم تحديدها بناء على “مبادئ أتاتورك”، فمبادئ “الجمهورية والدولة والشعبوية والقومية والثورية والعلمانية” غير قائمة حاليا.

 

يرفض “الكماليون” استمرار التحالف مع الشعوب الديمقراطي

 

وأضاف أنه لا يمكن فهم تشكيل تحالف سياسي مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، الذي يسعى لتقسيم تركيا في برنامجه الحزبي، وكليتشدار أوغلو بالتحالف معه شن حربا على قيم “الشعب الجمهوري” كما يقول الكماليون.

 

ورجح الكاتب، مع قرب إعلان محرم إنجه حزبه الجديد، وحركة الاستقالات، أن يغادر جميع “الكماليون” من حزب الشعب الجمهوري.

 

وأشار إلى أنه مع تصرفات كليتشدار أوغلو، فإن حزب الشعب الجمهوري سيظهر تابعا بشكل كامل للولايات المتحدة، وموجها من تنظيم غولن، ويدافع عن دولة لمنظمة العمال الكردستاني في سوريا، ويسعى لإقامة نظام فيدرالي في تركيا.

 

وقال الكاتب جيم كوتشوك، في مقال على صحيفة”Türkiye Gazetesi”، إن الأمر متروك الآن لحزب الشعب الجمهوري، ليكون واضحا بشأن “الشعوب الديمقراطي”، الذي لا يمكن تجاهل مواصلته لدعم منظمة العمال الكردستاني.

 

ولفت إلى أن “الشعب الجمهوري” إذا ذهب إلى الانتخابات في عام 2023، فمن المرجح بأن يقوم الجمهور بجعله دفع فاتورة باهظة، متسائلا: “فإلى متى على سبيل المثال سيتجاهلون “أمهات ديار بكر””؟.

 

وتواصل مجموعة من الأمهات في ولاية ديار بكر، جنوب شرق تركيا، الاعتصام أمام مبنى حزب الشعوب الديمقراطي، منذ 3 أيلول/ سبتمبر 2019، لاستعادة أبنائهن من قبضة “بي كا كا”، إثر اتهامهن الحزب بالضلوع في اختطاف أبنائهن وزجهم في صفوف المنظمة الإرهابية.

 

وتابع الكاتب بأن “القوميين” يغادرون حزب الشعب الجمهوري، ومن المتوقع أن يلتحق المزيد من النواب وبعض رؤساء البلديات إلى حزب محرم إنجه المنوي الإعلان عنه قريبا.

 

وشدد على أن الناخبين الذين يصوتون لحزب الشعب الجمهوري، لا يحبون حزب العمال الكردستاني ومنظمة غولن، والأنظار تتجه الآن إلى الكيفية التي سينقذ الحزب بها نفسه من المأزق الذي يعيشه الآن.

زر الذهاب إلى الأعلى