أخبار عربيةالأخبارمصر

تزوير حكم تحكيم دولي بمصر بـ 18 مليار دولار

حصل موقع عربي21 في انفراد خاص بها على نص تحقيقات النيابة العامة المصرية السرية التي أجريت في القضية المتهم فيها محكّمون بمركز التحكيم الدولي بمصر ومحام، باستصدار حكم تعويض مزور لصالح ورثة مستثمرين سعوديين ضد شركة أمريكية قيمته 68 مليار ريال سعودي، ما يعادل 18.4 مليار دولار أمريكي.

 

وتكشف الوثائق التي اطلعت عليها “عربي21” عن تزوير (أختام ودمغات) سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في القاهرة، وتزوير أختام مكتب التصديقات والخدمات القنصلية للمواطنين بمصر، لإضفاء المشروعية على ذلك الحكم المزور حتى يتم الاعتداد به دوليا وتنفيذه رغم كونه مزورا وعن طريق التحايل.

 

حملت القضية التي تكشفها “عربي21” لأول مرة بالوثائق، الرقم 16974 لسنة 2020 جنايات النزهة، وقيدت تحت رقم 2464 لسنة 2020 كلي شرق القاهرة، وأجرى التحقيق فيها المستشار أسامة مرزوق مراد رئيس نيابة شرق القاهرة الكلية، تحت إشراف المستشار أحمد حنفي رياض المحامي العام الأول لنيابة شرق القاهرة الكلية.

 

تبدأ تفاصيل القضية من عند مجدي محمد محفوظ – 55 سنة – المستشار القانوني لسفارة المملكة العربية السعودية بالقاهرة، والذي أكد في تحقيقات النيابة العامة المصرية أن السعودية تمتلك قطعة أرض بالمنطقة الشرقية بمحافظة “رأس تنورة” بالسعودية وتخضع لولايتها السيادية.

 

وأضاف، خلال تحقيقات النيابة المصرية، أن قطعة الأرض هذه قد آلت ملكيتها إلى السعودية عقب تعويض مالكيها المستثمرين السعوديين وهما “الوليد القرقني” و”عبدالله السليماني الحمداني”.

 

وتابع بأن “بعض ورثة المستثمرين السعوديين المذكورين لم يرضوا بهذه التعويضات، وأقاموا دعوى تحكيمية أمام مركز التحكيم الدولي بجمهورية مصر العربية ضد شركة “شيفرون” الأمريكية، بغية إلزامها بسداد تعويض مالي لهم مقداره 100 مليار ريال سعودي، رغم انعدام صلتها بعين النزاع (قطعة الأرض)، وعدم جواز انعقاد تلك الخصومة بمصر لإقليمية النزاع، وعدم وجود أي اشتراطات تحكيم بين طرفي التداعي تجعل مركز التحكيم الدولي بمصر هو الفيصل في النزاعات بين الأطراف”.

 

وأضاف: “تم استعمال طرق احتيالية باصطناع تلك الدعوى بالاشتراك بين محامي مصري وأعضاء بهيئة التحكيم التي باشرت الدعوى، واستصدروا حكما بتاريخ 3 حزيران/ يونيو 2015 يلزم الشركة المحتكم ضدها (شيفرون) بأداء مبلغ مقداره نحو 34 مليار ريال سعودي كتعويض عن عدم استرداد قطعة الأرض، ومبلغ مماثل آخر كقيمة إيجارية مستحقة في ذمة الشركة لصالح المحتكمين، أي دفع تعويض لهم قدره 68 مليار ريال سعودي”.

 

وتابع: “وقاموا (المحامي المصري وأعضاء بهيئة التحكيم) بمهر ذلك الحكم بخاتم مقلد منسوب صدوره إلى مكتب التصديقات والخدمات القنصلية للمواطنين بمدينة طنطا بمحافظة الغربية بمصر، وكذلك بأختام ودمغات مزورة منسوب صدورها إلى سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة لإضفاء الصبغة الرسمية عليه، حتى يتم الاعتداد به دوليا وتنفيذه رغم كونه مزورا وعن طريق التحايل”.

 

وأقر، محمد هشام لطفي (67 سنة) المحامي، خلال تحقيقات النيابة العامة المصرية، بأن عين التداعي –قطعة الأرض محل النزاع– آلت ملكيتها إلى المملكة العربية السعودية بموجب “صكوك ملكية” موثقة، وذلك عقب سداد كافة التعويضات المالية لمالكيها وورثتهم.

 

وأضاف أن “بعض الورثة لم يرضوا بالتعويضات وأقاموا دعوى لاسترداد الأرض أمام القضاء السعودي، قضي برفضها، فقاموا باصطناع دعوى تحكيمية أمام مركز التحكيم الدولي بجمهورية مصر العربية، وأخطروا بها الشركة المحتكم ضدها (شيفرون)، والتي أخطرت المركز رسميا بأنه غير مختص بنظر النزاع، فضلا عن عدم وجود أي اشتراطات تحكيم بين طرفي التداعي”.

 

وصدر حكم بتاريخ 18 أيار/ مايو 2015 بعدم اختصاص هيئة التحكيم المشكلة بنظر الدعوى، وإلزام رافعيها بالمصروفات، وتم إيداع ذلك الحكم وإعلانه لسفارة المملكة العربية السعودية بالقاهرة، إلا أنه فوجئ بصدور حكم آخر بتاريخ 3 حزيران/ يونيو 2015 من ذات المركز بهيئة مغايرة يلزم الشركة المحكم ضدها بأداء مبلغ نحو 68 مليار ريال سعودي، فضلا عن مبلغ 309 ملايين ريال سعودي كأتعاب مركز التحكيم الدولي.

 

ثم تم مهر ذلك الحكم المزور بخاتم مقلد منسوب صدوره إلى مكتب التصديقات والخدمات القنصلية للمواطنين بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، وكذلك بأختام ودمغات مزورة منسوب صدورها إلى سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة، لإضفاء الصبغة الرسمية حتى يتم الاعتداد به دوليا وتنفيذه رغم كونه مزورا وعن طريق التحايل.

 

وكشفت تحريات النيابة العامة المصرية عن قيام المحامي المتهم بالاشتراك مع آخر مجهول ومع محكمين بمركز التحكيم الدولي، في تقليد أختام مكتب التصديقات والخدمات القنصلية للمواطنين بمدينة طنطا بمحافظة الغربية بمصر.

 

وأضافت النيابة أنه تم مهر الأختام المزورة بالحكم الصادر من هيئة التحكيم المؤرخ في 3 حزيران/ يونيو 2015 بقصد الاحتيال على الشركة الأمريكية المحتكم ضدها.

 

وخلال تحقيقات النيابة العامة المصرية، تلقت كتاب نائب مساعد وزير الخارجية المصري للمواطنين والأجانب والتصديقات، ثبت فيه أنه بمراجعة التصديق رقم 21097 المؤرخ في 5 آب/ أغسطس 2015 والمنسوب صدوره إلى مكتب تصديقات طنطا والممهور به الحكم الصادر من مركز التحكيم الدولي المؤرخ في 3 حزيران/ يونيو 2015، تبين أنه تصديق زائف وغير صحيح.

 

كما أنه ورد للنيابة كتاب ممثل القنصل العام لسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة، ثبت فيه أن الأختام الثابتة بحكم التحكيم المؤرخ في 3 حزيران/ يونيو 2015 لا تنطبق مع أي أختام أو دمغات لسفارة الولايات المتحدة الأمريكية، وأن المسؤولين القنصليين لا يصدقون على أحكام التحكيم.

 

عقب انتهاء التحقيقات وجهت النيابة العامة إلى المحامي المصري المتهم تهمة تقليد بواسطة مجهول ختم شعار جمهورية مصر العربية وأختام التصديقات المنسوب صدورها إلى مكتب التصديقات والخدمات القنصلية للمواطنين بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، وكان ذلك بطريق الاصطناع وباستخدام طابعة “كمبيوترية”.

 

وقالت النيابة إن المحامي المتهم أمد المجهول بالبيانات اللازمة، فقام باصطناعه على غرار القوالب الصحيحة، واستعمله بأن مهر به حكم التحكيم الصادر من مركز التحكيم الدولي والمؤرخ في 3 حزيران/ يونيو 2015، والصادر بالتحايل من قبل المحكمين، وكذلك تقليد إمضاءات الموظفين المختصين بذات الجهة، وذيل بها المحامي المحرر – الحكم – مع علمه بذلك التقليد.

 

واتهمت النيابة العامة في مصر المحامي بأنه قلد بواسطة الغير أختام ودمغات منسوب صدورها إلى سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة، وكان ذلك بطريق الاصطناع وباستخدام طابعة “كمبيوترية”، بأن قام بإنشائه على غرار القالب الصحيح واستعمله بأن مهر به حكم التحكيم الصادر من مركز التحكيم الدولي المؤرخ في 3 حزيران/ يونيو 2015 مع علمه بذلك التقليد.

 

 

المصدر: عربي 21

زر الذهاب إلى الأعلى