أخبار عالميةالأخبار

تجارة خدمة العفو تزدهر في أيام ترامب الأخيرة مقابل مبالغ خيالية

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن منظور العفو الرئاسي في الأيام الأخيرة أدى لتغذية محاولات شراء الدخول على الرئيس دونالد ترامب مشيرة إلى أن حلفاء للرئيس جمعوا عشرات الآلاف من أشخاص يريدون الحصول على عفو منه.

 

وفي تقرير أعده مايكل شميدت وكينث فوغيل، قالا إن سوقا مربحا للعفو نشأ بسبب جمع حلفاء الرئيس ترامب رسوما من المجرمين الأثرياء أو من حولهم للدفع بحالاتهم وطلبات العفو التي تقدموا بها للبيت الأبيض.

 

وبنت الصحيفة معلوماتها على وثائق ومقابلات وجماعات ضغط ومحامين. ويعكس السوق النشط طبيعة رئاسة ترامب التي قامت على تقديم الخدمات وممارسة سلطة العفو الرئاسية بدون رقابة. فسلطة العفو أو وقف الأحكام هي محاولة لمنح من يستحقونه، إلا أن ترامب استخدمها لمكافأة أصدقائه وحلفائه المقربين.

 

وتقول الصحيفة إن التنافس على سوق العفو زاد بعدما تبين أن الرئيس لم يعد لديه فرصة لقلب نتائج الانتخابات لصالحه. ويقوم المدعي الفدرالي السابق والذي يعمل في مجال اللوبي، بريت تولمان، بتقديم النصح للبيت الأبيض حول العفو ووقف الأحكام، ولكنه حوّل خدماته إلى فرصة مالية وجمع آلاف الدولارات وربما أكثر في الأسابيع القليلة الماضية، من أجل الضغط للحصول على عفو عن ابن عضو سابق في مجلس الشيوخ عن ولاية أركنساس، وآخر أنشأ موقعا غير قانوني لبيع المخدرات “طريق الحرير” بالإضافة للعفو عن سيدة مجتمع في مانهاتن أُدينت بالتزوير.

 

وقدم محامي الرئيس ترامب السابق جون أم دود، نفسه للمجرمين المدانين بأنه الرجل الذي يمكنه الحصول على عفو بسبب علاقاته مع الرئيس، وأخذ عشرات الآلاف من الدولارات من مجرم مدان، وقدم له ولغيره النصيحة لاستخدام مظالمهم ضد نظام العدالة الأمريكي للحصول على عفو من الرئيس.

 

وحصلت مستشارة لحملة الرئيس على وعد بـ50.000 دولار للمساعدة في تأمين العفو عن جون كيرياكو، العميل السابق في “سي آي إيه” والذي اتهم بنشر معلومات سرية. ومبلغ آخر بنفس القيمة لو تم تأمين العفو. وأخبر كيرياكو بشكل منفصل أن محامي الرئيس الشخصي رودي جولياني يمكنه المساعدة أيضا مقابل مليوني دولار. ورفض كيرياكو العرض، إلا أن شخصا على علاقة معه خشي من استخدام جولياني هذه العروض للتربح، وقام بإبلاغ مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) مع أن جولياني رفض الزعم.

 

وبعد قرار مجلس النواب توجيه اتهامات للرئيس بالتحريض على العنف في الكونغرس، وتخلي عدد من النواب وأعضاء مجلس الشيوخ عنه، لم يبق لدى الرئيس المعزول والمتقلب من سلطة إلا العفو. وأشار لمساعديه أنه راغب بالعفو عن نفسه مع أنه لا يوجد ما يشير إلى أنه عاد للفكرة بعد اقتحام الكونغرس. كما ناقش فكرة إصدار العفو عن جولياني ومستشاره جاريد كوشنر.

 

ويشعر المحامون وخبراء القانون بالرعشة من فكرة عفو الرئيس عن نفسه وحلفائه، أو فكرة قيام البعض منهم بجمع أموال للعفو عن الآخرين.

 

وقالت مارغريت لاف التي أدارت مكتب العفو في وزارة العدل ما بين 1990 – 1997 إن هذا التعامل خارج القانون والحصول على مميزات خاصة يحرم مئات الناس العاديين الذي اتبعوا تعليمات وزارة العدل في مجال العفو. مضيفة أن هذا خرق واضح لعمليات طويلة تحاول تحقيق العدالة.

 

وتشير الصحيفة إلى وجود موازنة تاريخية قريبة عندما قام الرئيس بيل كلينتون في الأيام الأخيرة من حكمه بإصدار 170 عفوا ووقفا للأحكام دفع بعضهم ملايين الدولارات لعائلته والمقربين منه.

 

والفارق هو أن كلينتون أصدر قرارات العفو بعدما تم التدقيق في طلبه، ومرّ في الإجراءات التي تقتضيها شروط الحصول على العفو.

 

وتجاهل ترامب هذه العملية أكثر من أي رئيس سابق، واستبدلها بنظام أنشئ خصيصا بإشراف كوشنر الذي اعتمد على معلومات من مستشارين غير رسميين بمن فيهم تولمان. وفضّل هذا النظام الأشخاص المرتبطين بترامب أو حلفائه أو من دفع مالا لشخص يعرف شخصا مؤثرا لدى ترامب. وتقول إن التنظيمات أو المطالب التي تغطي العفو الرئاسي قليلة أو حتى الضغط من أجل الحصول عليها. ولا شيء غير قانوني لو تلقى المحامون الذين دفعوا بها أتعابا مالية.

 

ويتم التحقيق في أي عرض مالي واضح للرئيس مقابل العفو باعتباره خرقا لقوانين الرشوة. ولا يوجد ما يشير إلى تلقي الرئيس نفسه عروضا مالية مقابل العفو. وقال السناتور السابق تيم هاتشنسون، الذي عمل في الكونغرس ممثلا عن الجمهوريين في الفترة ما بين 1993- 2003: “نظامنا الجنائي محطم وقاصر جدا”. ودفع لتولمان مبلغ 10.000 دولار للمساعدة في الحصول على عفو عن ابنه جيرمي هاتشنسون، عضو برلمان أركنساس السابق الذي أدين عام 2019 بقبول الرشوة والتزوير الضريبي. وأكد هاتشنسون أن المبلغ الذي دفعه هو لممارسة الضغط، معترفا أن تولمان ربما قام بعمل لم يتضمنه العقد المتفق عليه. وقال: هناك الكثير من الأشخاص ممن يستحقون العفو وآمل أن يكون لدى الرئيس شبكة واسعة لنهجه في العفو والغفران.

 

وعمل تولمان الذي لم يرد على أسئلة الصحيفة في إدارة جورج دبليو بوش، وهو من الداعين لإصلاح قوانين إصدار الأحكام والتي دعم إصلاحها ترامب وكوشنر. ودعي إلى البيت الأبيض عام 2018 لحضور حفل توقيع للقوانين الجديدة. وأصبح منذ ذلك الوقت من أهم الداعمين لطلبات العفو. وساعد في وقف أحكام عن ثلاثة بمن فيهم والد جارد كوشنر الذي أدين بالتهريب الضريبي والتلاعب بأدلة الشهود.

 

ولا توجد أدلة على دفع تولمان أموالا لتأمين العفو. وفي تغريدة يوم الجمعة قال فيها إنه مثل الكثيرين حاول الحصول على العفو وبعضهم عملاء دفعوا رسوما وآخرين مجانا. وتشمل الوثائق المتعلقة به أنه حصل على 20.000 دولار مقابل خدمات لوقف الحكم الصادر عن دينا وين ريز التي اعترفت بالتآمر في 2011  للقيام بالتزوير وأفرج عنها في 2014. وفي الملفات المالية هناك إشارة لتلقيه 22.500 دولار من شخص اسمه بريان أندرسون لتأمين العفو عن مؤسس شركة “طريق الحرير” روس أولبريخت الذي صدر عليه حكم بالسجن مدى الحياة عام 2015 لتورطه في نشاطات تتعلق بالترويج وبيع المخدرات عبر الإنترنت.

 

ومن الشخصيات المعروفة في مجال اللوبي والمقربة من ترامب، مات سكالب الذي اقترحه ترامب ليكون عضوا في مجلس تمويل مكتبة الكونغرس وكان يضغط للعفو عن باركر بيتيت، المتبرع الجمهوري الكبير والمتهم بالتزوير. كما أعلن العامل في جماعات اللوبي مارك دي كوان عن خدماته في مجال تأمين العفو عن نيكي لام ديفيس التي أدينت بالقيام بعمليات تأثير على إدارة ترامب نيابة عن المصالح الصينية والماليزية.

 

وبعد أسابيع من استقالته كمحام للرئيس في 2018 بدأ دود بالترويج لنفسه على أنه طريق لتحقيق العفو. وساهم بتأمين العفو عن مستشار الرئيس السابق للأمن القومي فيما واصل بالعمل كمستشار غير رسمي لترامب. وأخبر العملاء أن ترامب سينظر في الطلبات المتعلقة بأحكام حقق فيها المدعون في مانهاتن أو مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) لأنه كان يريد إضعاف هؤلاء لتحقيقهم في سلوكه. وبعد تركه فريق ترامب القانوني بدأ بتمثيل الثري ويليام وولترز مقامر المناسبات الرياضية في لاس فيغاس والمدان بتلاعب تجاري. وأخبر دود وولترز وغيره أنه يستطيع الحصول على العفو سريعا لأن موكله كان عرضة للتحقيق من مدعي مانهاتن وأف بي أي. ودفع وولترز عشرات الآلاف من الدولارات، لكنه لم يحصل بعد على العفو. ونفى دود تباهيه بالقدرة على تأمين العفو ورفض التعليق.

 

وحاولت كارين جيورونو مساعدة عميل المخابرات كرياكو. وكانت على علاقة مع الأشخاص المقربين من ترامب من خلال إدارتها لحملة ترامب في فلوريدا. والتقت مع كرياكو في 2018 وكان قد اعترف عام 2012 بأنه سرب معلومات سرية عن عمليات إيهام بالغرق لمعتقل أمريكي.

 

وفي اللقاء بمكتب محاميه في واشنطن، اشتكى بأن الحكم عليه وهو 30 عاما غير عادل ويريد الحصول على العفو لكي يكون قادرا على حمل مسدس والحصول على تقاعده. وكان مع جيورونو المدير السابق لترامب للمواعيد في البيت الأبيض جورج غيغيكوس ووعداه بالمساعدة في العفو: “كنت أريد تصديقهما”. ولكن جيورونو نفت هذا الكلام وأنها تباهت مع غيغيكوس حول العلاقة مع ترامب، مضيفة أن ما دفعها لمساعدة كيرياكو هو الشعور بأنه لم يحصل على محاكمة عادلة.

 

وتشير الصحيفة إلى أن جيورونو وقعت مع كرياكو عقدا للحصول على 50.000 دولار ومبلغ 50.000 آخر في حال أمنت العفو. ونفت جيورونو أن تكون تحدثت مع الرئيس ترامب بشأنه ولا مع أي من المسؤولين البارزين، وكل ما قامت به هو “الربط بين النقاط” في لقاء مع مسؤولين في الإدارة.

 

وقال كرياكو إنه حصل على عرض آخر من جولياني في لقاء بفندق ترامب حيث شربا خمرا كثير. وعندما ذهب جولياني إلى الحمام اقترح أحد العاملين معه دفع مليوني دولار لتأمين العفو.

 

وكان جوابه: مليونا دولار هل أنت مجنون؟ وحتى لو كان عندي مليونا دولار لم أكن لأدفعها للحصول على تقاعد من 700.000 دولار.

 

ولم يواصل كرياكو العرض أو يخبر أحدا، لكنه ذكره في حفلة الخريف الماضي وقام شخص يعرفه بنقله إلى أف بي أي. ونفى جولياني أن يكون التقى بكرياكو وأن أيا من المرافقين عرض عليه الخدمة لتأمين العفو. وقال: هذا تضارب مصالح مشيرا إلى أنه يعرف عن عروض مالية كبيرة عرضت للخدمة لكن لدي مال كثير ولست جائعا.

 

 

المصدر: القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى