أخبار عربيةالأخبارتونس

معركة أمن غذائي قادها الرئيس السابق المنصف المرزوقي.. تونس تسترد جزءا من بذورها المنهوبة

في إنجاز وصف بالمهم، تمكنت تونس من استرداد عينات من مخزون بذورها الأصلية المنهوبة، وتعد هذه الخطوة جزءا من معركة أمن قومي غذائي قادها الرئيس السابق المنصف المرزوقي، في ظل إغراق السوق المحلية بالبذور الأجنبية الهجينة.

 

وأعلن بنك الجينات التونسي منذ أيام عن استرجاع ألف و705 عينة من البذور التونسية الأصلية التي كانت موجودة في بنك جينات أستراليا، واصفا هذه الخطوة بالإنجاز القيّم الذي سيعزز مخزوناته بنوعيات اندثرت.

 

وتمتاز البذور الأصلية -بحسب خبراء في الزراعة- بقيمتها الغذائية العالية وقدرتها على التأقلم مع المناخ منذ آلاف السنين، مقارنة بمثيلاتها المهجنة المستوردة من الخارج.

 

وقد ثمن المرزوقي، في تصريح خاص للجزيرة نت، المجهودات التي قام بها فريق بنك الجينات الوطني، مشددا على أن استرداد جزء من هذه البذور المنهوبة، كان ولا يزال قضيته الشخصية باعتبارها مسألة أمن قومي مثلها مثل قضية المياه.

 

وتابع “أتذكر أني طرحت مسألة البذور خلال ترؤسي لأول اجتماع لمجلس الأمن القومي من منطلق وعي بضرورة تحررنا من تبعية الشركات الأجنبية التي تبيع لتونس بذورا هجينة ومسرطنة”.

 

وأشار المرزوقي إلى أن سرقة البذور التونسية كانت مؤامرة من الشركات الفلاحية متعددة الجنسيات بتواطؤ من نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، بهدف جعل تونس في تبعية غذائية وفلاحية لتلك اللوبيات وفقدانها لاستقلاليتها واكتفائها الذاتي من مادة البذور.

 

الرئيس السابق لفت أيضا إلى أن الحكومات المتعاقبة تجاهلت تحذيراته المستمرة من مخاطر إغراق السوق بالبذور المهجنة، مقابل “انقراض بذورنا الأصلية ذات الجودة العالية والقدرة على التأقلم مع المناخ ومقاومة الجفاف.”

 

وقال إن صلاحياته المحدودة آنذاك كرئيس للجمهورية جعلته يتوجه للرأي العام والشعب، وللخبرات الوطنية الغيورة على بلدها وأمنها الغذائي، نحو استرداد المخزون الإستراتيجي الهام للبذور الأصلية المنهوبة.

 

قفزة نوعية

 

وشهدت نسبة استيراد تونس لبذور الخضار المهجنة من الخارج قفزة نوعية لتصل إلى 90%، بحسب تصريحات محلية سابقة لكاتب الدولة للزراعة السابق عمر الباهي، مقرا بأن البلاد باتت في تبعية مفرطة للخارج.

 

ومنذ أسابيع، حذرت قيادات من اتحاد الفلاحة (الزراعة) من مخاطر النقص المسجل في مادة البذور، لافتة إلى أنها إشكاليات تتكرر كل موسم، مما بات يهدد الأمن الغذائي للمواطنين.

 

ويشير مختصون إلى أن سياسة تخلي تونس عن بذورها المحلية، وإغراق السوق بالبذور الهجينة من أميركا وأوروبا وأستراليا، انطلقت منذ التسعينيات خلال حكم بن علي، وتواصلت في ظل غياب أي إستراتيجية وطنية للحفاظ على المخزون المحلي من البذور.

 

ومن جانبه، أقر مبارك بن ناصر المدير العام لبنك الجينات، في حديثه للجزيرة نت، بأن نهب العينات الأصلية من البذور التونسية وتهريبها انطلق منذ سنوات ولا يزال، مقابل إغراق السوق ببذور هجينة قد تغري الفلاح في البداية بتضاعف مردوديتها، لكنها بعد ذلك تفقد أي قيمة غذائية أو إنتاجية.

 

بذور مهجنة

 

وأشار مدير بنك الجينات إلى أن نحو 90% من البذور الخاصة بالخضراوات مهجنة يتم استيرادها من الخارج، مما يجعل الفلاحين والبلاد في تبعية تامة للشركات الأجنبية متعددة الجنسيات التي تسيطر على سوق البذور.

 

وحذر بن ناصر من غياب أي إطار تشريعي وقانوني يحمي البذور التونسية، ويمنع تهريبها للخارج “حيث يمكن لأي مواطن تونسي أو أجنبي أن يحمل معه خلال سفره عينات من البذور دون أي محاسبة أو رقابة”.

 

وأشار لوجود أكثر من 11 ألف عينة من البذور التونسية الأصلية في بنوك جينات موزعة حول العالم، يتم بالتوازي، النقاش معها بهدف استرجاع هذه الثروة الغذائية، مشيرا إلى أنها معركة سيادة وطنية.

 

وكشف في ختام حديثه عن نجاح بنك الجينات الوطني في استرداد نحو 7 آلاف عينة من البذور الأصلية من بنوك جينات ومراكز بحث في أميركا والمكسيك والتشيك وأستراليا.

 

 

المصدر: الجزيرة

زر الذهاب إلى الأعلى