أخبار عربيةالأخبارالسودان

سحب الجنسية من آلاف الأجانب في السودان

بعد أشهر من التمحيص في ملفات آلاف الأجانب الذين حصلوا على وثائق سفر وجنسيات؛ قررت الحكومة سحب الجنسية السودانية من نحو 3500 أجنبي، قالت إنهم حصلوا على هذه الوثائق بشكل غير قانوني إبان فترة حكم الرئيس المعزول عمر البشير  (1989-2019).

 

واستبقت وزارة الداخلية السودانية هذه الخطوة في يوليو/تموز الماضي بوقف الإجراءات الإدارية والهجرة لكافة الأجانب حاملي الجنسية السودانية، حيث منعتهم من تجديد الوثائق والرخص التجارية والاستثمارية، وتلك الخاصة بالقيادة، كما منعت كثيرين من السفر حتى بجوازات بلدانهم الأصلية، وعزت ذلك إلى أن لجنة مختصة تتولى مراجعة كيفية حصولهم على الجنسية السودانية.

 

ومع تشديد الخناق، اضطر عدد غير قليل من حاملي الوثائق السودانية إلى تسليمها لوزارة الداخلية مقابل السماح لهم بالمغادرة باستخدام جوازات بلدانهم الأصلية.

 

قرار سيادي

 

واستنادا إلى توصيات اللجنة الفنية التي شكلتها وزارة الداخلية؛ أصدر رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان يوم الأربعاء قرارًا بسحب الجنسية السودانية من 3 آلاف و548 شخصا.

 

وسلطات منح وسحب الجنسية من المسائل السيادية التي لا تصدر إلا بقرار مباشر من رئاسة الجمهورية، كما يجوز للقضاء سحب الجنسية في حال ارتكب حاملها جرائم بعينها.

 

وحسب بيان صادر عن وزارة الداخلية، فإن القرار اشتمل أيضا على سحب الجنسية عن 3 آلاف و436 شخصا ممن وردت أسماؤهم في قرارات جمهورية بمنحهم الجنسية السودانية بالتجنيس، ولم يستوفوا الشروط، ولم يكملوا البيانات، علاوة على سحب الجنسية من 112 شخصا، وعن جميع الأشخاص الذين حصلوا على الجواز السوداني عن طريقهم، من دون مزيد من الشرح.

 

وأفادت الوزارة بأن سحب الجنسية استند إلى تقارير طبية وأمنية، إضافة إلى أنها مُنحت لهم بما يخالف شروط منح الجنسية السودانية بالتجنيس.

 

وأعلنت الداخلية السودانية عزمها على مخاطبة الشرطة الجنائية الدولية (إنتربول) والبعثات السودانية بالخارج بتفاصيل أسماء الذين سُحبت منهم الجنسية لاتخاذ ما يلزم من إجراءات.

 

التقصي والتحقق

 

وبدأت السلطات السودانية تحركاتها ضد حاملي الجوازات السودانية من الأجانب منذ منتصف هذا العام، كما يقول مسؤول رفيع بوزارة الداخلية للجزيرة نت، وذلك بعد تزايد الشكوك حول كيفية حصول آلاف الأجانب على الجنسية السودانية واستخدامها في دول أخرى.

 

وقال المسؤول إن أعدادا كبيرة من السوريين -على وجه الخصوص- حصلوا خلال الفترة من 2014 إلى 2018 على الوثائق السودانية، بعد أن سمحت لهم الحكومة السابقة بالدخول من دون تأشيرة تعاطفا مع أوضاع الحرب التي تعيشها سوريا.

 

ويضيف أنه حدثت تجاوزات كبيرة في منحهم الوثائق، وأنهم لا يخضعون للنظم القانونية المعروفة التي تخول الحصول عليها، ولا يمر أغلبهم بمرحلة التحري المعروفة.

 

ويؤكد أن العدد المشمول بالقرار، والذي تجاوز 3500 أجنبي، هم من الذين دخلوا البلاد خلال الفترة من 2014 إلى 2018، وهو عدد كبير، ويشمل وافدين من اليمن والعراق ودول أخرى.

 

وفتح السودان أراضيه لمواطني العديد من الدول منذ مطلع التسعينيات، حيث عمدت حكومة البشير -التي تولت الحكم عام 1989- إلى استضافة الجماعات الإسلامية في دول عديدة، ومنح قادتها وثائق سودانية لتسهيل تحركهم بين العواصم الخارجية.

 

ومع ذلك، تؤكد مصادر متطابقة أن شروط منح الجنسية بالتجنيس كانت نافذة على مئات الأجانب الذين قدموا للحصول عليها منذ 1989 بأن يخضع الطالب للفحص القانوني، ويشترط أن يكون مقيما في السودان لما لا يقل عن 5 سنوات قبل الموافقة على منحه الجنسية، لكن منذ عام 2014 حدثت تجاوزات كبيرة، وحصل آلاف الأجانب على الجنسية، حتى أن بعضهم لم يزر السودان، وكانت تصله الوثائق وهو مقيم في دولة أخرى.

 

الروهينغا السودانيون

 

ولم تفصل وزارة الداخلية السودانية هوية الذين سُحبت الجنسيات منهم، لكن معلومات حصلت عليها الجزيرة نت أكدت أن أغلب المستهدفين من القرار يحملون الجنسية السورية، بجانب عراقيين ويمنيين، علاوة على عدد من مسلمي الروهينغا.

 

وتعاطفت حكومة البشير مع أزمة الروهينغا التي شغلت العالم، بعد أن بلغت ذروتها عام 2017، حين ارتكب جيش ميانمار فظائع واسعة النطاق ضدهم، وأجبرت مئات الآلاف على الفرار، ووصلت أعداد منهم إلى الخرطوم، وتم منحهم جنسيات سودانية على الفور.

 

وكان ملفتا تدخل أحد مسلمي الروهينغا على الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية السودان بفيسبوك، ويدعى ديفيد جلال مستفسرا عما إذا كان القرار يشمله، وهو الذي تقدم إلى وزارة الداخلية بطلب جواز سفر سوداني قبل صدور القرار.

 

ويضيف لدي استفسار إن كان هذا القرار يشمل الروهينغا الذين ساعدهم السودان بمنحهم جوازات سفر لتسهيل السفر بغرض تمثيل قضيتهم في أروقة الأمم المتحدة أم لا.

 

وقال جلال إن الروهينغا ليس لهم وطن يحميهم، وتم تهجيرهم من ميانمار، وسحبت منهم الجنسية، وتعرضوا لأشد أنواع التعذيب والقتل والحرق والإبادة الجماعية، وأرجو من جمهورية السودان أن تعيد النظر في هؤلاء الروهينغا المظلومين شفقة ورحمة بهم وتضامنا مع قضيتهم الأليمة.

 

عراقيون في المحكمة

 

ويقول رئيس الجالية العراقية في السودان فيصل الدليمي للجزيرة نت إن عدد العراقيين الذين سُحبت جنسياتهم لا تتعدى 3% من جملة المشمولين بالقرار، وليس من إجمالي المتجنسين، ويرجح ألا يتجاوز عدد العراقيين المستهدفين بسحب الجنسية 200 شخص.

 

ولا ينفي الدليمي -الذي حصل على الجنسية السودانية منذ سنوات- وجود مخالفين للإجراءات التي تقرها السلطات السودانية، مؤكدا تأييدهم لأي مساع تصحيحية، قبل أن يستدرك بالقول إن وزارة الداخلية انتهجت إجراءات أخرى غير مبررة، منها حظر السفر على الجميع، وسحب الجنسية من دون قرار قضائي أو سيادي؛ مما تسبب في ضرر بالغ لمصالح العشرات.

 

ويشير إلى أن هذا الوضع دفعهم إلى رفع دعوى قضائية في مواجهة وزارة الداخلية السودانية، حيث تستمر جلسات المحكمة منذ الشهر قبل الماضي.

 

وحسب رئيس الجالية العراقية في السودان، فإن وزارة الداخلية لم تبت في ملفات العشرات من العراقيين المجنسين الذين قابلوا اللجنة الفنية المختصة قبل أكثر من 3 أشهر.

 

 

المصدر: الجزيرة

زر الذهاب إلى الأعلى