أخبار عربيةالأخبارموريتانيا

دفاع الدولة الموريتانية يرد على دفاع الرئيس السابق ويؤيد مسارات التحقيق

ضمن حرب البيانات والبيانات المضادة المتواصلة، رد فريق محامي الدفاع عن الدولة الموريتانية، أمس، بقوة على جميع القضايا التي أثارها فريق دفاع الرئيس السابق وعلى رأسها الموقف الذي يتمسك به الرئيس السابق والمتعلق بدعوى حصانة الرئيس بمقتضى نص المادة 93 من الدستور الموريتاني التي تنص، حسب فهمه وفهم محاميه، على تحصين الرؤساء من أي مساءلة خلال ممارستهم لمهامهم ما عدا الخيانة العظمى التي هي من اختصاص محكمة العدل السامية وليس القضاء العادي.

 

وجاء رد فريق الدفاع عن الدولة، بينما يتجه ملف الرئيس السابق بمشمولاته وأشخاصه نحو مسار التحقيق الجنائي وربما نحو المحاكمة، حسبما تؤكده مصادر مقربة من هذا الشأن، مع أن ثمة احتمالاً آخر هو طي الملف على أساس انعدام أي وجه للمتابعة لكنه احتمال تستبعده المصادر، ولا تدل عليه التحقيقات ولا الإجراءات المتخذة وبينها منع الرئيس السابق من التحرك خارج منطقة سكنه.

 

وأكد محامو الدفاع عن الدولة في بيانهم، الذي تلقت “القدس العربي” نسخة منه، أن “محامي رئيس الجمهورية السابق في المسطرة المذكورة أعلاه بخرجات إعلامية تناولت، تكرار القول، إلقاء للكلام على عواهنه، بعدم شرعية المتابعات القضائية المباشَرة ضد موكلهم، وإثارة حق هذا الأخير في التزام الصمت المطبق أمام ضباط ووكلاء الشرطة القضائية المكلفين بالتحقيق معه، وادعاء عدم شرعية قيام الجمعية الوطنية بتشكيل لجان تحقيق برلمانية، والقول بأن الإجراء المانع لموكلهم من الخروج خارج حدود ولاية نواكشوط الغربية يعد تعدياً على حريته”.

 

“ومن أجل إنارة الرأي العام حول مختلف هذه النقاط، يضيف البيان، يستغرب فريقنا من تلويح زملائنا بالمادة 93 من الدستور كدرع واق حري به في نظرهم أن يمنح لرئيس الجمهورية السابق حصانة مطلقة وإفلاتاً تاماً من العقاب حتى من جنح وجرائم القانون العام، مع أن المقتضيات المعتمد عليها نصت حرفاً على أن “رئيس الجمهورية ليس مسؤولاً عن الأفعال التي يرتكبها أثناء ممارسة وظائفه إلا في حالة الخيانة العظمى” فيتضح من ذلك أن هذه الحصانة مقيدة في حدود مادية جلية فهي تمنح لرئيس الجمهورية ما دام في مأموريته فقط وللأعمال التي تدخل في إطار ممارسة وظائفه حصراً”.

 

وأضاف: “هل من المستساغ بحال من الأحوال ربط ممارسات الفساد والجرائم العديدة المماثلة لها من جنح وجنايات غسل الأموال، التي هي موضوع التحقيق الحالي، بالممارسة العادية لوظائف رئيس الجمهورية على النحو المحدد في المادة 30 وما تلاها من الدستور؟ وعلاوة على ذلك، هل نحتاج إلى التذكير بأن مرتكب هذه الأفعال لم يعد بعد رئيساً للجمهورية؟ الجواب هو بالطبع بالنفي القاطع”.

 

وتابع المحامون ردودهم على دفاع الرئيس السابق “وبالإضافة إلى ما سلف يظل إعفاء شخص ما من المسؤولية المطلقة عما يرتكبه من أفعال محظورة قانوناً أمراً صادماً للضمير الجمعي لشعبنا ولقيمه الدينية والثقافية والأخلاقية، كما يتعارض كل إعفاء مطلق مع تطور عقليات المجتمع ومتطلبات الديمقراطية الحديثة ومع الالتزامات الدولية لبلادنا، وهي متطلبات تتضافر مجتمعة لمنع الإفلات من المسائلة والعقاب”.

 

“أما بالنسبة للقاضي الطبيعي لرئيس الدولة السابق، الذي أصبح مواطناً عادياً بعد انتهاء مأموريته، يضيف البيان، فلا يمكن أن يكون سوى القاضي العادي فيما يخص جرائم الحق العام، فمحكمة العدل السامية غير مختصة، كما جاء في المادة 93 من الدستور، إلا في حالات الخيانة العظمى ويظل مع ذلك من المتاح تقديم السيد رئيس الجمهورية السابق أمام هذه المحكمة السامية موازاة مع مثوله أمام المحاكم العادية كل محكمة حسب اختصاصها النوعي”.

 

وحول رفض محمد ولد عبد العزيز بإصرار الإجابة على الأسئلة التي تطرحها عليه الشرطة القضائية حول وقائع محددة، أكد البيان أن “ذلك الرفض يدخل ضمن حقه كمتقاض عملاً بخطة الدفاع التي اختارها لنفسه والتي يتحمل بالطبع كافة تبعاتها، لكن أولاً ينم موقف كهذا عن ازدراء شديد بمؤسسات الدولة وعن رغبة شديدة صاحبه في لف تسييره للشأن العام وراء ظلام دامس؟”.

 

وتطرق البيان للنقاش الذي أثير حول شرعية لجان التحقيق البرلمانية، حيث أكد المحامون “أنه نقاش طفولي، عديم الجدوى”، مضيفاً “أن مراقبة عمل الحكومة صلاحية للبرلمان خولها إياه الدستور وأن قانوناً نظامياً، وهو نص أسمى من القوانين العادية، قد صادق على نظام الجمعية الوطنية الذي كرس حق البرلمان على تشكيل هذه اللجان”.

 

وزاد المحامون “ولا شك أن النقاش حول هذه المسألة خال من الفائدة والأثر العملي ما دامت الدعوى القضائية تتم مباشرتها على أساس نتائج التحقيق الذي تجريه الضبطية القضائية لا على أساس ما خلصت إليه لجنة التحقيق البرلمانية في تقريرها واستنتاجاتها”.

 

وأكد فريق الدفاع عن الدولة “أن فريق محامي رئيس الجمهورية السابق في المداخلات التي قام بها أعضاؤه هنا وهناك نسي أن المادة 10 من الدستور إذا كانت قد كرست لكل مواطن لم يرتكب جرماً حرية التنقل، فإنها تنص كذلك على أنه يجوز تقييد هذه الحرية بموجب القانون وأن القانون بالذات هو الذي خول وكيل الجمهورية سلطة تقييد حرية تنقل أي شخص يُشتَبَه في ارتكابه جريمة بلغت درجة موصوفة في القانون”.

 

وتساءل الفريق في ردوده “وهل غاب عن زملائنا الكرام أن لجوء النيابة العامة إلى هذا الإجراء بدلاً من إبقاء موكلهم رهن الحراسة النظرية في مخافر الشرطة، يشكل منحه معاملة تفضيلية؟

 

يذكر أن الرئيس السابق واصل امتناعه عن التصريح للمحققين والرد على أسئلتهم كما امتنع عن التوقيع على أي محضر وهو موقف اتخذه في أول جلسة تحقيق، أكد فيها للمحققين أن المختص بمحاكمته هو محكمة العدل السامية وحدها.

 

وإلى جانب ملف أمني لم يتضح لحد الآن، استجوب المحققون الرئيس الموريتاني وعدداً من أقربائه ومعاونيه، حول عدة قضايا معقدة وشائكة بينها الملف العقاري، ويتضمن منح مساحات من الحي الصناعي والتجاري، واتفاقية شركة النجاح لإنجاز المطار الجديد، وصفقة رصيف الحاويات بميناء نواكشوط، وعمليات منح القطع الأرضية في المدينة، فضلاً عن الاقتطاعات الريفية.

 

 

المصدر: القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى