مواضيع ثقافية وسياسية

الصحابية رفيدة الأسلمية بنت أول مستشفى ميداني وأنفقت عليه من مالها الخاص

التفاني أصل مهنة التمريض التي دخلتها فلورنس نايتينغل (Florence Nightingale)  في عام 1845 ونذرت حياتها لإرساء قواعد تلك المهنة، كانت تحمل المصباح ليلا باحثة عن الجرحى الذين سقطوا في المعارك الحربية لتطبيبهم ومداواة جراحهم، حتى أطلق عليها “سيدة المصباح”.

 

يحتفل العالم كله بنايتينغل مؤسسة التمريض الحديث يوم 12 مايو/أيار من كل عام في ذكرى ميلادها، الذي أقره المجلس العالمي للتمريض “يوم التمريض العالمي” تقديرا لدورها العظيم.

 

ولكن قبل فلورنس نايتينغل، وقبل قرون عديدة من ممارستها مهنة التمريض، ظهرت ممرضات وطبيبات في صدر الإسلام، فقد كانت رفيدة بنت سعد الأسلمية امرأة مسلمة امتهنت التمريض وتطبيب الجرحى والمصابين في ميادين المعارك، وصاحبة أول مستشفى ميداني في الغزوات الإسلامية.

 

التطبيب إرث والدها

 

ولدت رفيدة بنت سعد الأسلمية الخزرجية الأنصارية في قبيلة بني أسلم بالمدينة المنورة، ولهذا السبب دعيت “الأسلمية”، كان والدها سعد الأسلمي طبيبا ماهرا، اكتسبت رفيدة الكثير من معرفتها الطبية وهي تكبر إلى جانبه، واستهوتها حرفة التطبيب ومداواة المرضى.

 

ووفقا لمقال على ون باث نيتورك  (Onepathnetwork)، كانت من أوائل من بايعوا النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في المدينة المنورة بعد الهجرة.

 

خيمة رفيدة

 

اشتركت الصحابية الجليلة رفيدة في غزوتي الخندق وخيبر، وكانت أول طبيبة وممرضة في الإسلام، قارئة وكاتبة، ولديها ثروة كبيرة تنفق منها على عملها، أعطى النبي محمد صلى الله عليه وسلم رفيدة الإذن ببناء خيمة داخل المسجد النبوي في المدينة المنورة لتقديم الرعاية التمريضية وتدريب المسلمات ليكن ممرضات، وعالجت فيها المرضى من الرجال والنساء، وأطلق عليها “خيمة رفيدة”.

 

وبحسب مقال على مجلة “إس سي آي بلانت” (SCIplanet)، كانت رفيدة رائدة في مجال التمريض في عصرها، وقررت نقل معرفتها إلى النساء المتطوعات لمتابعة طريقها، سعت في خيمتها إلى تدريب المسلمات على التمريض والإسعافات الأولية والرعاية الطارئة.

 

شاركت رفيدة في الغزوات والمعارك، ونقلت معها خيمتها بكل متطلباتها وأدواتها واحتياجاتها فوق ظهور الجمال، حتى تقيمها بالقرب من معسكر المسلمين، وتعد خيمتها المتنقلة أول مستشفى ميداني في الإسلام. وكان يطلق عليها لقب “الفدائية”، حيث كانت تقتحم أرض المعركة وتنقل الجرحى إلى خيمتها لمداواتهم.

 

حصة مقاتل

 

عندما كان جيش المسلمين يستعد لغزوة خيبر، ذهبت رفيدة الأسلمية ومجموعة من المتطوعات إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يطلبن الإذن بالمشاركة لعلاج الجرحى والمصابين، وهو ما أذن به النبي الكريم.

 

قامت رفيدة بعمل جيد في إسعاف المصابين والجرحى، حتى إن النبي محمدا (صلى الله عليه وسلم) خصص حصة من غنائم الحرب لها تقديرا لتمريضها وعملها الطبي الاستثنائي، وكان نصيبها يعادل حصة جندي من الذين قاتلوا بالفعل.

 

وفي غزوة الخندق، أصيب الأنصاري المحارب سعد بن معاذ بسهمٍ، وطبقا لما جاء في كتاب “النساء ومهنة الطب في المجتمعات الإسلامية”، أشار النبي إلى أصحابه “بنقله إلى خيمة رفيدة”، وهناك مكث مع رفيدة وصاحباتها حيث أسعفنه ومرضنه، ثم اضطرت رفيدة في آخر الأمر أن تكوي الجرح لإيقاف النزيف، وكان الرسول يزوره هناك كل يوم.

 

في السلم أيضا

 

لم يكن عمل رفيدة مقتصرا على الغزوات فقط، بل كانت في وقت السلم تعاون وتواسي كل مريض ومحتاج، كانت تنفق من مالها الخاص لتجهيز خيمتها بالمعدات الطبية والعلاج، وكانت تتكفل بالأطفال المحتاجين والأيتام وتساعد الفقراء والمعاقين.

 

اقتحمت رفيدة مجال التمريض والتطبيب بشجاعة لم يسبقها إليها أحد، ونقلت علمها إلى أخريات حتى إن 7 من النساء امتهن الطب والتمريض في عصر الرسول والصحابة، أسوة بها وسيرا على نهجها.

 

 

المصدر: الجزيرة

زر الذهاب إلى الأعلى