أخبار عربيةالأخبارليبيا

قاعدة الجفرة في ليبيا.. يد الإمارات التي بترت

عندما تقرأ خبرا عن سيطرة قوات حكومة الوفاق على قاعدة الجفرة الجوية، يمكنك أن تفهم ترحيب الخارجية الإماراتية بمبادرة أعلنها الرئيس المصري تطالب بوقف إطلاق النار والبحث عن حل سياسي في ليبيا.

 

في قلب الصحراء وفي المنتصف بين بنغازي وطرابلس، تقع قاعدة الجفرة الجوية التي توصف بأنها ذات أهمية إستراتيجية كبيرة إذ بإمكان من يسيطر عليها استخدام السلاح الجوي شرق وغرب البلاد.

 

ومن هذه الأهمية، جاء اهتمام الإمارات بالجفرة، فشحنتها بالسلاح والمرتزقة والطائرات المسيرة، ومن داخلها أقامت غرفة عمليات اللواء المتقاعد خليفة حفتر ينسق من خلالها غاراته الجوية على الغرب الليبي.

 

وحسب تقرير أممي نشر في وقت سابق، كانت تتمركز في القاعدة قوات من الدعم السريع السودانية وفق عقد وقعه قائدها محمد حمدان حميدتي مع شركة كندية.

 

وشكلت القاعدة تجمعا لمرتزقة من روسيا وتشاد، وأضحت أيضا مركزا للعتاد والذخائر.

 

ووفق موقع Second Line of Defense فإن الإمارات نقلت إلى قاعدة الجفرة منظومة بانستير الروسية للدفاع الجوي في 18 يونيو/حزيران الماضي.

 

ضرب الغرب وخنق الجنوب

ومنذ أن بدأ حفتر هجومه الكاسح على طرابلس قبل 14 شهرا، ظلت قاعدة الجفرة تضطلع بالعديد من المهمات، إذ تؤوي المقاتلين المرتزقة القادمين من الخارج، ويخرج منها الطيران الإماراتي المسير لضرب طرابلس وغريان ومناطق أخرى.

 

وإلى جانب تكريسها منصة للهجوم على الغرب، تولت قاعدة الجفرة خنق الجنوب وفصله عن مناطق ليبيا، إذ تقوم طائراتها بقصف قوافل الإمداد الغذائي والطبي وتمنع الناس من التنقل بين المدن.

 

وفي حديث سابق للجزيرة، قال المحلل الليبي عصام الزبير إن أغلب القوات الإماراتية موجودة في غرف التحكم والسيطرة، “ويقتصر دورها على تسيير الطائرات المسيرة وبعض الخطط الإستراتيجية، وتقديم الدعم اللوجستي لقوات حفتر التي تفتقر إلى الإمكانات والخبرة”.

 

هذه الأهمية والخطورة جعلت قاعدة الجفرة هدفا محوريا لقوات حكومة الوفاق، فقد هاجمتها أكثر من مرة وكبدت الإماراتيين خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

 

ففي العام الماضي قصفت قوات الوفاق قاعدة الجفرة، مما أسفر عن تدمير حظيرة طائرات مسيرة إماراتية وطائرة شحن ومنظومات للدفاع الجوي ومقتل جنود إماراتيين، وفق تصريحات رسمية لقوات الوفاق.

 

ووفق الزبير فإن الإمارات كانت تحاول في السابق التكتم على إرسالها عسكريين، حيث زعمت أن عددا من ضباطها قتلوا في حادث تصادم “لكن نبأ مقتلهم في قصف قاعدة الجفرة كشف حقيقة الوجود العسكري الإماراتي في ليبيا”.

 

هجمات وتطورات متسارعة

وفي وقت سابق، قال الناطق باسم قوات الوفاق محمد قنونو إن قاعدة الجفرة تقطع الإمداد الغذائي والدوائي عن كل مدن الجنوب “وهي هدف معلن لنا، وتحريرها ينهي المعاناة التي يعيشها أهلنا في العاصمة، ويفتح الطريق نحو الجنوب الليبي”.

 

وكان تكثيف الوفاق هجماتها على القاعدة قد دفع حلفاء حفتر لتقديم المزيد من السلاح والمرتزقة. وفي 21 من مايو/أيار الماضي، هبطت في القاعدة ست طائرات من نوع “ميغ” واثنتان من طراز سوخوي قادمتان من حميميم السورية.

 

لكن قوات حفتر انتكست على نحو متسارع الأيام الأربعة الماضية، فقد خسرت مطار طرابلس الدولي بعد معركة شرسة، ولم تصمد لساعات في مدينة ترهونة.

 

وبشكل أسرع، فقدت قوات حفتر بني وليد واتجهت شرقا إلى سرت، لتلاحقها قوات الوفاق بالقصف الجوي والمدفعي معلنة عن تدمير آليات إماراتية.

 

وعلى مشارف مدينة سرت، أعلنت قوات الوفاق أمس السبت أنه لا توجد خطوط حمراء وأنها ماضية في طريقها لاستعادة الدولة وأن صحراء ليبيا ستكون مقبرة للمرتزقة والمتمردين.

 

ساعة الحسم وتغيير اللهجة

كان ذلك في الصباح، وعند العصر دخلت قوات الوفاق تخوم مدينة سرت من ثلاثة محاور وواصلت تقدمها شرقا، وأعلنت أنها أرغمت حفتر على الانسحاب من قاعدة الجفرة وسط البلاد.

 

وبينما قوات الوفاق تندفع في الصحراء باتجاه سرت والجفرة، كان اللواء المتقاعد يقف منهكا إلى جانب الرئيس المصري في قصر الاتحادية بالقاهرة حيث أصدرا مبادرة لوقف إطلاق النار.

 

ولم يمض الكثير من الوقت حتى أصدرت الإمارات بيانا ترحب فيه بالمبادرة السياسية التي أعلنها الرئيس المصري لإنهاء الصراع في ليبيا.

 

وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية تأييدها “للجهود المصرية الخيّرة الداعية إلى وقف فوري لإطلاق النار في ليبيا الشقيقة والعودة إلى المسار السياسي”.

 

ويبدو أن البيان كتب بمداد الانتكاسة، فقد بتر ثوار ليبيا اليد التي كانت تضغط على الزناد في قاعدة الجفرة الجوية، وأصبح من المناسب لحلفاء حفتر المطالبة بالتهدئة ووقف إطلاق النار.

 

 

المصدر: الجزيرة

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى