أخبار عربيةالأخبارموريتانيا

مليارات تبخرت وشركات أفلست.. الموريتانيون يترقبون تحقيقات بشأن قضايا فساد

استدعت لجنة برلمانية موريتانية أكثر من عشرين مسؤولا كبيرا، بينهم رئيس وزراء سابق، للتحقيق معهم بشأن قضايا فساد كبرى أنهكت اقتصاد موريتانيا خلال السنوات العشر الأخيرة.

 

وخلال ما تعرف “بعشرية عزيز”، في إشارة إلى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، أفلست شركات موريتانية وأوشكت أخرى على الإفلاس، في حين أكدت تقارير قضائية صدرت مؤخرا حصول عمليات نهب كبيرة في العديد من مؤسسات الحكومة.

 

وقبل أيام، طلبت لجنة التحقيق منع سفر مدير الشركة الفائزة بما تعرف بصفقة حاويات ميناء نواكشوط، وهو هندي الجنسية، وسبق أن خضع للتحقيق مرتين أمام اللجنة.

 

كما مثل أمام هذه اللجنة وزير النفط والطاقة والمعادن محمد ولد عبد الفتاح، والوزير الأمين العام للرئاسة محمد سالم ولد البشير، في حين يتوقع أن يمثل أمامها وزير المالية السابق المختار ولد انجاي.

 

وفي 18 مارس/آذار الجاري، وصل وفد من اللجنة للعاصمة الاقتصادية نواذيبو، وباشر عمله بالاستماع لمدير شركة بولي هوندونغ الصينية.

 

ومن شأن تحقيقات اللجنة أن توضح مدى مصداقية اتهام الرئيس محمد ولد عبد العزيز ومقربين منه بالاستحواذ على أموال ومقدرات عبر صفقات مشبوهة.

 

وفي خطاب أمام البرلمان في 31 يناير/كانون الأول 2020، قال الوزير الأول إسماعيل ولد الشيخ سيديا إن الخزينة العامة للدولة الموريتانية في يوم وصول الرئيس محمد ولد الغزاوني للحكم في 31 يوليو/تموز 2019 كان رصيدها 26 مليار أوقية قديمة (72.2 مليون دولار)، 18 منها إعانة من البنك الدولي.

 

وأضاف الوزير الأول في حديثه أمام النواب أن حكومته وجدت الخزينة مطالبة بسداد مبلغ مئتي مليار أوقية (نصف مليار دولار)؛ مما يعني حالة إفلاس كامل.

 

الملفات الكبيرة

 

وفي نهاية دورته الأولى في يناير/كانون الثاني الماضي، وافق البرلمان الموريتاني على تشكيل لجنة للتحقيق في الملفات الاقتصادية التي لها علاقة بمصالح الشعب الموريتاني ومستقبل ثروته.

 

وتحقق اللجنة في سبعة ملفات، هي: اختفاء أموال من صندوق العائدات النفطية، وإفلاس الشركة الوطنية للاستيراد، وتسيير أموال “خيرية” شركة المعادن، وعقارات الدولة، وصفقة الإنارة العامة بالطاقة الشمية، وصفقة تشغيل رصيف حاويات ميناء نواكشوط المستقل، وملف الشركة الصينية “بولي هوندونغ” .

 

ومُنحت صفقة حاويات ميناء نواكشوط المستقل لصهر الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لفترة تربو على ثلاثين سنة، مقابل استثمار يصل إلى 390 مليون دولار فقط.

 

وتكشف وثيقة مسربة باللغة الفرنسية عن أن سبعة من وزراء ولد عبد العزيز وقعوا على الصفقة التي مُنحت لصهره بتاريخ 5 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

 

وحصلت الجزيرة نت على معلومات من داخل اللجنة تقول إنها منذ إنشائها حتى اليوم قامت باستدعاء عشرين شخصية في نظام الرئيس السابق، أبرزهم الوزير الأول السابق يحيى ولد حدمين، ووزير الصيد السابق يحيى ولد عبد الدايم، ووزير الطاقة والمعادن الحالي محمد ولد عبد الفتاح.

 

كما استدعت اللجنة مدير عقارات وأملاك الدولة للتحقيق بشأن العديد من العقارات والمباني العامة التي تحولت ملكيتها لأفراد، وتقول تقارير صحفية إنهم مقربون من الرئيس السابق ولد عبد العزيز.

 

وتمارس اللجنة البرلمانية مهمة التحقيق لمدة ستة أشهر، ويتوقع أن تقدم فيها تقريرا وافيا عن الجهات المسؤولة عن تبديد الثروة الموريتانية.

 

المال الضايع

كانت محكمة الحسابات الموريتانية أصدرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي تقارير عن تسيير بعض القطاعات، وكشفت عن اختلاسات مالية كبيرة، وصفقات مشبوهة تمس مستقبل اقتصاد البلد.

 

ومن أهم القطاعات التي اتهمتها المحكمة المذكورة قطاع الطاقة؛ فقد جاء في التقرير أن شركة الكهرباء الموريتانية واجهت خسائر تزيد على 27 مليار أوقية (75 مليون دولار)، كما أن اقتراضها زاد على 59 مليار أوقية (163 مليون دولار) بتاريخ 31 ديسمبر/كانون الأول 2013.

 

وفي مجال الاقتصاد البحري، كشفت التقارير عن أن صفقة شركة بولي هوندونغ الصينية -التي أثارت جدلا في الساحة السياسة الموريتانية- لم تحدد الكميات والأنواع التي يتم اصطيادها، وهو الأمر الذي يخالف القانون الموريتاني، ولم تف بالتزامها باستثمار مئة مليون دولار، وخلق 2500 وظيفة لليد العاملة في موريتانيا.

 

الرئيس يتحدى

في المقابل، أقرّ الرئيس السابق في آخر مؤتمر صحفي له بأنه يمتلك ثروة هائلة، ولكنه نفى أن يكون مصدرها المال العام.

 

وتحدى الرئيس السابق اللجنة أن تثبت أنه اختلس أي فلس من الدولة، قائلا إنه كان يحارب الفساد طيلة حكمه، متهما اللجنة بأنها لا تملك الأهلية الأخلاقية للقيام بهذه المهمة.

وحاولت الجزيرة نت الحصول على تصريح من ولد عبد العزيز، لكن لم يتسن لها ذلك.

 

ويتابع الشارع الموريتاني بشغف كبير عمل اللجنة البرلمانية، التي تعد سابقة في تاريخ الدولة، حيث لم يسبق للبرلمان القيام بمهمة التفتيش والرقابة التي يخولها له الدستور والنصوص الداخلية له.

 

وكان الرئيس الموريتاني أكد خلال مؤتمر صحافي نهاية الأسبوع المنصرم أنه لن يكون عقبة في عمل اللجنة البرلمانية وقراراتها.

 

وفي تصريح للجزيرة نت، قال الإعلامي والكاتب محمد الحافظ الغابد إن حجم الخروق في التسيير كبير، وإنه حتما سيؤدي إلى مراجعة بعض الصفقات سارية المفعول مع شركات مملوكة لنافذين في النظام السابق، وسيكون الرئيس الحالي وطاقمه في إحراج كبير إذا تغاضوا عن حجم المخالفات المسجلة.

 

حبيب مايابى – نواكشوط – الجزيرة نت

زر الذهاب إلى الأعلى