اخبار تركياالأخبارمواضيع ثقافية وسياسية

المشاريع الكبرى تغير وجه ضواحي إسطنبول

تتهيأ ضاحية “ألتين شهير” غربي إسطنبول لخلع جلباب الظل الذي ظلت ترتديه على مدى قرون طويلة، لتصبح مكان جذب للباحثين عن فرص الاستثمار قرب القناة المائية الموازية للبوسفور.

 

فخلال الأسابيع الأخيرة، تحولت الضاحية إلى مزار للباحثين عن شراء المنازل وقطع الأراضي بأسعار أقل من مثيلاتها في المناطق القريبة الأخرى من مسار القناة التي تقطع إسطنبول بين البحر الأسود في الشمال ومرمرة في الجنوب.

 

وعلى أطراف الطرق المارة في شوارع الضاحية ذات الطابع الريفي، تنتشر العديد من الآليات التي تعمل على هدم البيوت القديمة المتلاصقة بعناية، تحضيرا لبناء وحدات سكنية حديثة مكانَها تدر أرباحا أكبر على المالكين.

 

كانت القرية الواقعة داخل مدينة إسطنبول تعيش هدوء الريف على سفوح الجبال، وكان سكانها يعيشون حياة بسيطة.

 

أما محيط القرية فما زالت فيه مساحات شاسعة من الأرض التي تمنع الدولة الوصول إليها، لاحتوائها على مغارات كان الناس يبحثون فيها عن الذهب الذي اتخذت منه القرية اسمها “ألتين شهير”، أي مدينة الذهب.

 

كانال منزرلي

 

لكن كل شيء تغير بعدما صار أصحاب العقارات يرسون إعلانات بيع المنازل والأراضي التي يملكونها في المنطقة بعبارة “كانال منزرلي” (إطلالة على القناة).

 

وانعكس هذا النشاط على أحوال القرية في العموم، حتى تضاعف عدد الزبائن في أحد مطاعم المشاوي الشهيرة في المنطقة الذي أكد للجزيرة نت أن العدد الأكبر من زبائنه هذه الأيام هم من الذين يأتون إلى المكان بحثا عن المنازل والعقار.

 

ولم يعرف عن المنطقة المحلية أي نشاط تجاري أو استثماري مميز خلال العقود الماضية، لكن حالها آخذ بالتغير منذ الإعلان عن قرب افتتاح مشروع قناة إسطنبول الموازية.

 

ورغم أن القناة لا تمر بأراضي القرية فإن إطلالتها عليها بدأت ترفع من أسعار العقار فيها بشكل كبير، في ظل توجه ملحوظ من الأجانب إلى شراء المنازل والعقارات في هذه القرية.

 

خرائط إلكترونية

 

في مكتب تاجر العقار أحمد هيرغول نفدت كافة المنازل المتاحة للبيع في المنطقة، وبات توفير منازل الأجرة الفارغة فيها صعبا أيضا بعدما أخرجت الحكومة التركية سلطة الاستثمار في المنطقة من يد البلدية إلى يد الدولة لتسهيل العمل ومركزته وإخضاعه لمعايير الجودة والضمان والموثوقية.

 

ويعرض “الأملاكجي” التركي حدود القناة وأسعار الأراضي والعقار فيها بالمتر عبر خرائط رسمية كبيرة وملونة يشرح للمستثمرين فيها كافة التفاصيل.

 

وعرض هيرغول للجزيرة نت برامج صور إلكترونية دقيقة مرتبطة بالأقمار الصناعية توفرها الحكومة لتجار العقارات بغية إطلاع المستثمرين على طبيعة الأرض في كل رقعة من محيط القناة، وجهة ملكيتها وصلاحيتها للبناء ومقدار الارتفاع المسموح به هيكليا فيها (عدد طوابق البناء) والمناطق المخصصة للسكن والزراعة والتجارة.

 

وتظهر الخرائط الإلكترونية بوضوح مكان حظر البناء والاستثمار في الأراضي التي تنتشر فيها خطوط ضغط الكهرباء العالي، حتى لا يشتري أحد في تلك الأرض دون علمه.

 

قرى نحو التطوير

 

بحسب المخططات الهيكلية، فإن خط الضواحي الريفية الواصل بين شمالي ووسط غربي إسطنبول سينتقل نقلة عمرانية كبرى ستتطال مناطق “بيرم تبيه” و”شاهين تبيه” و”ألتين شهير” و”شاملار” التي ستصبح جزءا من مدينة جديدة مساحتها 7.5 ملايين متر مربع بجوار 450 مليون متر مربع من الشواطئ والكورنيش، و147 مليونا من الحدائق والمنتزهات المترامية على شاطئي القناة.

 

ووفقاً للأملاكجي هيرغول فإن الأرض الممتدة على طول شاطئي القناة تم تملّكها من قبل الدولة بعمق 300 متر من كل جانب لتصبح أملاكا عامة غير قابلة للتصرف، بينما ارتفعت أسعار الأراضي بنسب تزيد عن 40% خلال الأشهر الخمسة الأخيرة فقط.

 

ويشير هيرغول إلى أن مركز التسوق العملاق المعروف باسم “سوق رامي” سيتم نقله من منطقة سلطان أيوب إلى المدينة الجديدة، ليجلب معه حركة تجارية ونشاطا كبيرا إلى المنطقة.

 

ويؤكد أنه نتيجة لهذه الإجراءات ستولد في قلب رحم القرى التركية المطلة على القناة الموازية، مدينة جديدة بتصميم حديث، تضاهي مراكز المدن العالمية المتطورة، وستتحول إلى مركز جذب عمراني ببنيانها الطويل المقاوم للزلازل.

 

وسبق أن قادت المشاريع التركية العملاقة حملات تطوير هائلة في مناطق تركية محددة، آخرها مطار إسطنبول الذي تضاعفت أسعار العقارات في مساره بشكل كبير، ونشأت على طريقه مشاريع عمرانية وإسكانية عملاقة، خاصة في محيط مناطق “كياباشي” و”كيا شهير” و”باشاك شهير” و”بهجة شهير”.

 

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن عن مشروع حفر القناة التي تبعد 30 كلم إلى الغرب من قناة البوسفور، “المضيق الطبيعي الذي يشق إسطنبول”، في العام 2011.

 

وتقدر التكلفة المبدئية للمشروع بنحو 25 مليار دولار، منها 15 مليارا لأعمال الحفر وشق القناة، والباقي للاستثمارات المحيطة بها.

 

وتهدف تركيا إلى تخفيض الضغط على قناة البوسفور التي يعبرها ما بين 40 و42 ألف سفينة سنويا، رغم أن طاقتها تسمح بعبور 25 ألف سفينة فقط في العام.

 

خليل مبروك – إسطنبول – الجزيرة نت

زر الذهاب إلى الأعلى