مواضيع ثقافية وسياسية

لحماية هوية المسجد 20 ألفا يصلون الفجر كل جمعة بالحرم الإبراهيمي

كان الوقت فجر الجمعة، والمناسبة دعوات شبابية وعائلية لأداء الصلاة في المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل، وقبالة الجماهير التي لبت الدعوة وقف باروخ مارزل (أحد أكثر مستوطني الخليل تطرفا) مندهشا وأخذ يضرب كفا بكف ويقرأ ما بين صفوف المصلين.

 

هناك حافَظ على مسافة بينه وبين صفوف المصلين وأخذ يحدث رفاقه عن خطر أمني داهم، إنها الأمواج البشرية التي تدفقت إلى المسجد وأفشلت خططا استمرت نحو عقدين ونصف العقد لتفريغ المسجد من المصلين.

 

يقول الحاج عبد الرؤوف المحتسب -الذي يسكن قبالة المسجد الإبراهيمي وينقل المشهد- إن حالة من الذهول خيمت على المستوطنين وهم يتابعون أعداد المصلين تغطي كافة الساحات المحيطة به، موضحا أنه الحشد الأكبر الذي يراه في المسجد طوال حياته.

 

وبعد أن قتل مستوطن نحو ثلاثين فلسطينيا وأصاب العشرات في المسجد الإبراهيمي فجر 25 من فبراير/شباط 1994، كانت نتيجة التحقيق الإسرائيلي انتزاع نحو نصف مساحة المسجد وتحويله إلى كنيس فضلا عن إغلاق وسط الخليل ومئات المحلات التجارية، وهي إجراءات أدت إلى تقليص أعداد المصلين وزوار البلدة القديمة بشكل ملحوظ.

 

شمعدان ومنع الأذان

 

ومنذ وقوع المجزرة وحتى اليوم، يواصل الاحتلال مخططاته التهويدية بالمدينة بما في ذلك وضع بوابات إلكترونية على مداخل المسجد الإبراهيمي ورفع العلم الإسرائيلي فوقه، وقبيل أسابيع قليلة من حلول الذكرى 26 للمجزرة، أعاد إحياء مخطط قديم لجسر ومصعد بموازاة جداره القبلي.

 

كما أقدمت سلطات الاحتلال مؤخرا على وضع الشمعدان أعلى المسجد من الجهة القبلية، وذلك بعد نحو عامين من انتزاع لجنة إعمار الخليل ومديرية الأوقاف الإسلامية قرارا عبر محاكم الاحتلال يقضي بإزالة شمعدان ضخم نصبه المستوطنون على سطح الحرم الإبراهيمي الشريف عام 2017.

 

ووفق وزارة الأوقاف والشؤون الدينية فقد منعت سلطات الاحتلال رفع الأذان بالمسجد 49 مرة خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي.

 

الفلسطينيون من جانبهم قرروا ردا غير معتاد على المشاريع الاستيطانية وحفاظا على هوية المسجد، فتسابقت مجموعات شبابية وعائلية لنشر الدعوات لأداء صلاة الفجر كل جمعة في المسجد الإبراهيمي، وبالفعل حققت أعداد المصلين أرقاما قياسية لم تسجل في تاريخ المسجد، وفق مديره الشيخ حفظي أبو سنينة.

 

كما أعقب دعوات الاحتشاد العفوية دعوات فصائلية صاحبها توفير حافلات من المدن والقرى الفلسطينية لأداء صلاة الفجر بالمسجد، في حين تداعت عائلات الخليل لاستقبال المصلين وتوفير المشروبات الساخنة لهم.

 

ويخضع المصلون لتفتيش إلكتروني ويضطرون لاجتياز حواجز عسكرية وبوابات إلكترونية وصولا إلى المسجد. ورغم البرد الشديد في آخر جمعتين حافظ آلاف الفلسطينيين على الصلاة وإن كان بأعداد أقل.

 

أرقام قياسية

 

وأوضح أبو سنينة في حديثه للجزيرة نت أن أعداد المصلين تضاعفت من حوالي ثلاثمئة مصل في صلوات الفجر أيام الجمعة العادية إلى حوالي عشرين ألفا في الجمع التي تخللها دعوات للصلاة فيه، مما اضطر المواطنين لأداء صلواتهم في محيط المسجد والأسواق والأزقة المجاورة، وهو مشهد لا يروق لجنود الاحتلال ومستوطنيه.

 

وتخطط سلطات الاحتلال وجمعيات استيطانية لوضع مصعد في الجدار الجنوبي الغربي للمسجد يؤدي إلى جسر يخطط أيضا لإقامته أعلى الجدار، ومؤخرا نشر وسائل الإعلام الإسرائيلية صورا للجسر والجدار وقالت إن الموازنة المخصصة لتنفيذ المشروع جاهزة.

 

وقال أبو سنينة إن إدارة المسجد لم تبلَغ بموعد محدد لتنفيذ المخطط الذي أكد أنه مخالف للاتفاقيات الدولية، ويمس بوضع المسجد المدرج عام 2017 على قائمة التراث العالمية.

 

 

عوض الرجوب – الخليل – الجزيرة نت

زر الذهاب إلى الأعلى