مقال رئيس التحرير

أردوغان والتطاول علي ليبيا

مهدي أحميد

 

تنحدرالاصول الليبية في الأصل , من أصول متنوعة ومتعددة من أمازيغ، طوارق، عرب، تبو، أتراك وجميهم يشكلون هوية وطنية جامعة ويتحصنون بحكم القانون بالمواطنة , لا تفضيل لأحدهم على الآخر , وها هو اليوم ويخرج علينا السيد أردوغان مصرحاً بوجود مليون تركي من أصول تركية في ليبيا , وهذا بكل تأكيد مؤشر سياسي خطير وواضح وصريح على وجوب تواجد دولة تركيا في ليبيا , الأمر الذي يعد تصريحاً استعمارياً خطيراً , وتعدياً علي التركيبة السكانية والجغرافية للوطن ، مما يستوجب على جميع أعيان ووجهاء وزعامات الليبيين المنحدرين من الأتراك “الكراغلة” ومن مخلفات حكم العثمانيين مثل الشراكسة والارناؤوط الألبان أن يعلنوا وبكل صراحة من مصراتة بإصدار البيانات الواضحة  تحدد وتعبر عن موقفهم الوطني وانتمائهم للوطن , ورفض ما صرح به أردوغان الإسلامجي وتعديه على هويتهم الليبية . وبالتالي قطع الطريق على فتنة السلطان العثماني الجديد وذريعته الخبيثة للتدخل العسكري بحجة دعم شرعية حكومة السخيرات العميلة البائعة للوطن وحماية الأقلية التركية.

 

من السهل ومن الممكن على محبي المغامرات في الأراضي العثمانية السابقة، العثور على الأصول والروابط التركية في جميع أنحاء المنطقة العربية. علي سبيل المثال لا الحصر  في العراق وسوريا مثلاً النظَر إلى الأقليات التركمانية منذ فترةٍ طويلة على أنها أحد أذرع النفوذ التركي، على الرغم من أن الحقائق على ارض الواقع كانت تتحدى أحيانًا التوقعات مثل التقارب الذي يشعر به بعض التركمان الشيعة العراقيين تجاه إيران وتعاون بعض السوريين التركمان مع دمشق أو الأكراد.

 

في الآونة الأخيرة وبعد تحرك قوات الجيش الوطني الليبي لعملية الكرامة بقيادة المشير حفتر بالاتجاه الي العاصمة الليبية  طرابلس وخلاصها من قبضة الأخوان والمليشيات الجاتمه علي قلوب الليبيين , أصبح دور أحفاد الأتراك العثمانيين في ليبيا موضوع اهتمام متزايد مع استمرار الحرب في الوطن وبخاصة في طرابلس , وهو المعقل الأخير للإخوان ، وبالتحديد ما نشهده من تزايد المشاركة والدور التركي في المعارك ، لقد ألقت دولة تركيا بثقلها وراء قوات ما يسمي بحكومة السخيرات العميلة  التي تقاتل الجيش الوطني الليبي , وتحديداُ كتائب مليشيات مصراتة الذراع العسكري للإخوان والمقاتلة.

 

لا ضير في الذين يرتاحون إلى الحنين إلى الماضي سيتعجبون عندما يعرفون أن الفضل في تمرد مصراتة ضد النظام السابق للدكتاتور” معمر القذافي ” ومقاومتها الحالية ضد القوات المسلحة للجيش الوطني الليبي , يعود لأحفاد الأتراك العثمانيين , أن “أحفاد رفاق مصطفى كمال أتاتورك يحافظون في الأصل على روح عام 1911” إشارة إلى المعارك ضد الغزو الإيطالي لليبيا بقيادة المؤسس المحتمل آنذاك لتركيا الحديثة. وهنا يبقي التساؤل دائماً مطروحاً , ما هو الدور الذي يلعبه الأتراك الليبيون فعلاً على الساحة السياسية الليبية ؟ وهل وجودهم  من عدمه يبرر الحق لدولة تركيا  التدخل في ليبيا ؟. الحقيقة التي لا يختلف عليها عاقل  هي أن الأتراك الليبيين مجزأون سياسياً وعسكرياً. ففي عام 2015، أسس بعضهم جمعية تحت أسم  “كراغلة ليبيا” , وحلمهم للتذكير بواقع وجودهم. لكن الحكومة التركية كانت لها نظره وواقع أخر, وطريقتها الخاصة في تذكرهم.

 

أن تركيا تدخلت بقوة لإسقاط النظام السابق “العقيد القذافي” وتدخلت بقوة اليوم أيضا ضد الجيش الوطني الليبي صاحب الشرعية من مجلس النواب الليبي بقيادة المشير حفتر, والذي عقد العزم علي نفسه بمقاومة الارهاب في أي مكان داخل الأراضي الليبية , ومن هذا المنطلق , أن الوازع العرقي لدولة العثمانيين وحلمهم للعودة , قد اتخذته ذريعة لتحقيق مصالحها سواء الاقتصادية اوالإسلاموية التوسعية إلى درجة اعتبارها لما يجري في دولة عربية وهنا أقصد ليبيا  بعيدة عنها بُعد الشمس علي الأرض ،فلا تحدها حدودياً ولا تشاطئها بحرياً، إمتداداً لأمنها القومي الذي يفترض أنه “طوراني” وليس هذا قط , بل دفعها لتجاوز الخطوط الحمراء والشروع في بناء موقع قدم لها , وهي أنشاء قاعدة عسكرية ثابتة داخل القاعدة الجوية بمدينة مصراتة                                .وربما رشح هذا السؤال مبكراً دون أن يَلفت إليه الأمر والانتباه عندما أثاره الاخواني بإمتياز “علي الطلابي ” في الأشهر الأولى لثورة فبراير, أثناء لقاء أجرته معه قناة ” ليبيا تي في” عام 2011 ، ففيه أكد لمقابلته للرئيس التركي “طيب رجب أردوغان” ودعوته له بالتدخل العسكري المباشر إنطلاقاً من فكرة وجود ليبيين من أصول تركية في مدينة مصراتة المحاصرة في ذلك الوقت من قبل النظام السابق والملفت للنظر أيضا فى تقرير نشره موقع “حفريات” للكاتب الجزائري “مدني قصري” وهو البحث والتقصي عن مبررات حماسة اردوغان للتدخل التركي عبر استخدامه لمن وصفهم ايضاً ” بـإتراك ليبيا ” فطرح فرضيته متساءلاً , هل تدخل تركيا جاء كعقاب للجيش الليبي على دعمه سابقاً لقضية الأكراد في الأناضول؟ ومن هذه النظرة المُقلقة أطلت الكثير من التساؤلات والألغاز التي يقود تتبعها إلى وجود “نعرة عرقية” تغذي ملفاً مسكوتاً عنه في قضية دولية أصبحت اقرب إلى الكرة الساخنة والملتهبة جداً.

 

وهي بكل تأكيد هذه تساؤلات مشروعة يحتاج الشارع والمواطن الليبي للتعرف بشغف على إجاباتها , كونه المتضرر الأول من هذه اللعبة الخطرة ، وهدا في حقيقة الأمر يقع علي عاتق الأعلام والصحافة وهو من أهم مهامها ووظائفها الاستقصائية تجاه لمواطنيها.

 

الموضوع عموماً وبشكل واقعي يمكن اعتبار كل هذه التساؤلات المقترحة في هذا الملف متفرعة أصلاً عن السؤال “الأم” , وهو من هم أتراك ليبيا؟

 

وهذا السؤال ايضاً تلحقه بالضرورة حزمة من علامات الإستفهام من هم الذين أسسوا جمعية “كوارغلية  ليبيا” عام  2015 ومن هو رئيسها الذي صرّح لصحيفة المونيتور “أن عدد الكراغلة في ليبيا يصل إلى نحو مليون وأربعمائة ألف نسمة”، وإنهم يتركزون بشكل خاص في مصراتة، حيث يمثلون ثلاثة أرباع سكان المدينة.

أولى نتائج الإنذار هو إنقسام مصراتة إلى فسطاطين ربما يكون أحدهما صغيراً الآن, ولكنه سيكون الأكبر والأقوى والساعات والأيام القادمه ستكشف لنا الاقدار ما تخفيه من واقع مخبف ومرعب تجره أديال واعوان وعملاء مصراتة للوطن , وعلي هذا الاساس قواتكم وجيشكم الوطني الليبي وبقيادته الحكيمة تعي جيداً الدور الخبيث وحلم العودة لتركيا لبسط نفودها في المنطقه بصفة عامة وعلي الوطن بصفة خاصة وستقف ضدها كالصخرة الصماء  وتمنعها من تحقيق مأربها وبالتالي تفويت الفرصة عليها بدخول جيشنا الي العاصمة وفك أسره وتحريره من الاخوان ,ومن باعوا الوطن بثمن بخص بإبرام اتفاقية أمنية وبحريه غير شرعية ومخالفة للقانون وفقاً لا تفاقية السخيرات مع تركيا مستغله ضعف ووهن حكومة السخيرات من اجل الدفاع عنهم , ورد ما يسمي بالعدوان علي طرابلس من قبل الجيش الوطني الليبي , وبقائهم في السلطة وهذا ما يسمي بالغة سياسة المصلحة , فعجباً لمن يقولوا لا لحكم العسكر الليبي , ونعم لحكم العسكر التركي , فأي منطق وعقل لهولاء مناصري ما يسمي بالدولة المدنية.

 

ختاماً الشعب الليبي لن يغفر للدولة العثمانية عن ما فعلته بتسليم وبيع ليبيا لايطاليا , وفقاً لمعهده “أوشن لاوزان” عام 1912 , وما خلفته من تخلف للوطن والمواطن الليبي , حقبة استعمارها استمرت لمدة ليست بالقصيرة عن ما يقارب 500 سنه , وبالتالي سيكون الجيش الليبي يداً واحده مع شعبه لماتلة ودحر العدوان التركي لو فكر الدخول الي الارضي الليبية.

زر الذهاب إلى الأعلى