مواضيع ثقافية وسياسية

لماذا يتوعد حفتر باجتياح مصراتة مع هزائمه المتكررة؟

يستمر اللواء المتقاعد خليفة حفتر في تهديد مدينة مصراتة المعروفة بثقلها العسكري ووزنها السياسي وتوجهها المعارض لأي مشروع دكتاتوري جديد تريد دول داعمة لحفتر تطبيقه في ليبيا.

 

وأعلن أحمد المسماري الناطق باسم قوات حفتر تمديد مهلة اجتياح مصراتة إلى يوم غد الأربعاء إذا لم تنسحب قواتها من مدينتي طرابلس وسرت، زاعما أن تأجيل اقتحام المدينة يأتي بعد تواصل وفد من أعيان مصراتة مع حفتر.

 

وقد نفت بلدية مصراتة أمس الاثنين وجود أي تواصل من جميع مكونات المدينة مع حفتر، مؤكدة أن “الليبيين والعالم أجمع يعلمون حقيقة الكذب والتضليل الذي ينتهجه هؤلاء لزرع الفتنة بين الليبيين الطامحين لدولة المؤسسات والقانون والرافضين لحكم العسكر”.

 

وتقع مدينة مصراتة شرق العاصمة طرابلس، وتبعد عنها حوالي 200 كيلومتر على الساحل الليبي، وتحدها مناطق ومدن زليتن غربا وبني وليد جنوبا وتاورغاء شرقا.

 

وشهدت المدينة -وهي ثالث أكبر مدن ليبيا- أضخم وأعنف المعارك في الحرب التي استمرت حوالي سبعة أشهر ضد نظام معمر القذافي إبان الثورة الليبية عام 2011.

 

تساؤلات

وتبقى التساؤلات قائمة بشأن مقدرة حفتر على تنفيذ وعيده بقصف مصراتة واجتياحها بعد ضرب أهداف في المدينة كما فعل في مدينتي بنغازي ودرنة ومدن الجنوب الليبي.

 

وقد أعربت واشنطن في بيان لها عن قلقها من تهديد حفتر بمهاجمة مصراتة واستخدام الطائرات والمرتزقة الأجانب لمهاجمة المدينة، منددة باستهداف المدنيين.

 

وتبرز أهمية مصراتة في كونها تمتلك أكبر ترسانة عسكرية وأكثر من 150 كتيبة مسلحة، إضافة إلى مخازن ضخمة من الأسلحة حصل عليها أبناء المدينة من مخازن النظام السابق.

 

ويرى المحلل السياسي إسماعيل المحيشي أن موقع مصراتة الإستراتيجي المطل على الساحل وقربها من طرابلس وقوتها العسكرية وعدم انضمام قواتها إلى مليشيات حفتر يجعل المدينة مصدر إزعاج لأوهام حفتر في سعيه للسيطرة على طرابلس.

 

ويؤكد المحيشي أن وجود منافذ بحرية وبرية وجوية في مصراتة يمكنها من مقاومة أي حصار أو اجتياح يفرض عليها، إضافة إلى أن قياداتها تحظى بقوة سياسية، وساهمت بشكل وازن في الحوار الذي تمخض عنه الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية برعاية أممية.

 

ويرى أن فشل حفتر في دخول طرابلس وعدم قدرته على الحسم بعد ضغط كبير من الدول الداعمة له بضرورة اقتحام العاصمة جعلا منه “أضحوكة” في خطاباته المتكررة، وأديا إلى زعزعة الثقة في قواته الموجودة جنوب طرابلس.

 

ويعتقد مدير مركز إسطرلاب للدراسات عبد السلام الراجحي أن تخصيص مصراتة من بين المدن الأخرى مرده لكون أبناء المدينة هم القوة الضاربة في قوات حكومة الوفاق التي تؤمن طرابلس وتحميها منذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي.

 

ويرى أن حفتر يعتقد أنه باجتياح مصراتة عبر مدينتي سرت أو الجفرة وإنهاك المدينة بضربات جوية مكثفة سيحقق ما يريده وذلك بإرجاع أبناء مصراتة للدفاع عن مدينتهم، وهذا غير منطقي ولن يحدث -في رأيه- لأن حفتر لا يعلم أن القوة التي خرجت من المدينة للدفاع عن العاصمة لا تمثل سوى 30% من قوة مصراتة العسكرية.

 

ويؤكد الراجحي أن مكانة مصراتة لدى الليبيين وعند أهالي المدن الثائرة ضد معمر القذافي كبيرة، مشيرا إلى أن تاريخ المدينة الحافل بالجهاد ضد الاستعمار الإيطالي ومقاومة أرتال معمر القذافي عام 2011 ومحاربة تنظيم الدولة في سرت عام 2016 يجعل منها رقما صعبا في المعادلة الليبية.

 

قدرة على الحشد

ويرى الراجحي أن لدى مصراتة القدرة على الحشد حتى من دون أبنائها الموجودين في ضواحي طرابلس، حيث إن قوات إضافية ستتحرك إذا فكر حفتر في اجتياح المدينة، خاصة أن أبناءها لن يسمحوا بأن تقتحم مدينتهم مع علمهم بأن قوات حفتر متعددة الجنسيات، جلهم روس وتشاديون وجنجويد وبتمويل إماراتي مصري.

 

واعتبر الخبير العسكري عادل عبد الكافي أن حفتر يحاول التشكيك في قوة مصراتة ومصداقيتها بين المدن الغربية نظرا لثقلها العسكري عبر بث كذبة أن وفدا من مصراتة تواصل معه في بنغازي.

 

ويتابع عبد الكافي أن مصراتة أفشلت مؤامرات حفتر الساعي إلى الانفراد بالسلطة وإرجاع حكم الفرد الاستبدادي منذ عام 2014 وأضحت عقبة كبيرة أمام مشروعه.

 

ويرى أن المدينة تمتلك إمكانيات عسكرية بشرية ومعدات وأسلحة تمكنها من سرعة الاستجابة، إضافة إلى الدور المهم للكلية الجوية الموجودة فيها والتي ينطلق منها سلاح الجو الليبي لقصف مواقع قوات حفتر التي تحاول الاقتراب من طرابلس.

 

زر الذهاب إلى الأعلى