مواضيع ثقافية وسياسية

تقرير أميركي يصدم الرئيس ترامب.. لهذه الأسباب لا تتلاعب الصين بعملتها

على خلفية سماح البنك المركزي الصيني بهبوط سعر عملته مقابل الدولار، اتهمت إدارة ترامب بكين بالتلاعب بالعملة. فهل تتلاعب الصين بعملتها حقا؟

 

سمحت الصين في وقت سابق من شهر أغسطس/آب الماضي لقيمة عملتها بالانخفاض لتصل إلى الحد الأدنى أمام الدولار (أكثر من سبعة يوانات مقابل دولار واحد)، وهو المستوى الذي لم تشهده العملة الصينية خلال 11 عاما.

 

كيف تدير الصين عملتها؟

يقول الكاتب والخبير الاقتصادي في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي براد دبليو سيتسر إن الصين تعتمد في عملية إدارة عملتها بصفة يومية على مرحلتين، يستهلها البنك المركزي بتحديد المعدل المرجعي لعملته بصفة يومية، ومن ثمة تتم عملية شراء أو بيع الدولارات عن طريقه أو من خلال البنوك الحكومية التي تعمل نيابة عنه.

 

ويضيف الكاتب في تقرير نشره موقع المجلس، “ظاهريا، تحدد قوى السوق المعدل المرجعي، لكن يتعين على البنك المركزي التدخل للحفاظ على قيمة العملة ضمن نطاق تداول يومي يحدده المعدل ذاته”.

 

وعندما حددت الصين بشكل غير متوقع هذا المعدل عند مستوى أضعف مما كان متوقعًا في السوق، انخفضت قيمة اليوان بحدة واتهمتها الولايات المتحدة بالتلاعب بالعملة.

 

ويوضح الكاتب أن ما حدث قد لا يكون بالضرورة تلاعبا، إذ إن الرئيس دونالد ترامب قد يميل إلى تصنيف أي حركة لا يحبذها على أنها “تلاعب”، وخاصة في حال انخفاض قيمة عملة البلد الذي يمتلك فائضا تجاريا ثنائيا مع الولايات المتحدة، في حين يفضل الرئيس الأميركي تحرك العملات بطريقة تساهم في تقلص العجز التجاري الأميركي.

 

بحسب الكاتب يقدم خبراء الاقتصاد عادة تعريفًا أضيق للتلاعب، فيقولون إنه يتلخص في إدارة الدولة لفائض تجاري عام كبير من خلال شراء عملات أجنبية، غالبًا بالدولار، لمنع ارتفاع قيمة عملتها، لأن تلك العملة الأضعف تمنح المُصدرين ميزة تنافسية.

 

ووفقا لهذا التعريف، استنتج الكاتب أن الصين ليست متلاعبة، إذ إنها لا تمتلك فائضا كبيرا في حسابها الجاري حاليا، ولم تشتر عملات أجنبية، بل باعت بعضا منها في الخريف الماضي ولم تشتر أو تبع مبالغ هامة هذه السنة.

 

ماذا تقول القوانين؟

من الناحية القانونية -يضيف الكاتب- فإن الجزم في المسألة التي تتمحور حول استيفاء الصين لمعيار التلاعب المنصوص عليه في القانون الأميركي، أمر معقد.

 

يحدد قانون إنفاذ التجارة لعام 2015 ثلاثة معايير كي تصنف أي دولة بأنها متلاعبة، وهي كما يلي:

1- تسجيل فائض تجاري ثنائي مع الولايات المتحدة

2- تسجيل فائض في الحساب الجاري.

3- التدخل من جانب واحد في سوق الصرف الأجنبي لقمع قيمة العملة.

 

وخلص أحدث تقرير لوزارة المالية الأميركية إلى أن الصين استوفت فقط معيار الفائض التجاري، وفق ما أورد الكاتب.

 

الكاتب سلط الضوء أيضا على قانون آخر يقدم تعريفا مختلفا للتلاعب، حيث يصنف قانون التجارة الخارجية والتنافسية الشامل لعام 1988 عرقلة تسوية ميزان المدفوعات أو العمل على الحصول على ميزة تنافسية غير عادلة في التجارة العالمية، على أنه تلاعب.

 

وفق الكاتب من المرجح أن تدعي الولايات المتحدة أن الانخفاض الأخير في عملة اليوان يهدف إلى منح الصادرات الصينية ميزة، لكن الصين سترد أنها ليست ملزمة بمقاومة ضغوط السوق التي تدفع اليوان إلى الانخفاض عندما تفرض الولايات المتحدة رسوما جمركية تضر بصادراتها.

 

وذكر أن مجموعة الدول الصناعية السبع اتفقت على أنه بإمكان أي بلد تخفيف الشروط النقدية المحلية عن طريق شراء السندات الخاصة أو ما يعرف بالتيسير الكمي، دون استهداف أسعار الصرف عبر شراء العملات الأجنبية.

 

ما الذي يمكن أن تفعله أميركا؟

أشار الكاتب إلى أن وصف الصين بالمتلاعبة لا تترتب عنه عواقب مباشرة، لكن قانون 1988 يفرض على الولايات المتحدة التفاوض معها.

 

وإذا اختارت الصين الإبقاء على اليوان في مستواه الحالي -يضيف الكاتب- فقد لا تتخذ الولايات المتحدة تدابير هامة وستظل عواقب نعتها بالمتلاعبة عند الحد الأدنى.

 

أما إذا اختارت أن تسمح لقيمة اليوان بالتراجع، عندئذٍ يمكن للولايات المتحدة أن ترد من خلال التدخل في سوق العملات الأجنبية، على الأقل من الناحية النظرية، لرفع العملة الصينية.

 

وسيمثل هذا الأمر سابقة، حيث لم تتدخل الولايات المتحدة قط في السوق مقابل اليوان.

 

ويؤكد الكاتب أنه من المحتمل أن يمثل أي انخفاض آخر من جانب الصين تهديدا حقيقيا تتصدى له الولايات المتحدة من خلال الرفع من الرسوم الجمركية وشن حرب تجارية موسعة.

زر الذهاب إلى الأعلى