في ظل الحكم الشيعي.. تفاصيل سرقة جديدة في العراق تطال أموال ضحايا الإرهاب
رغم الإجراءات الشكلية التي تتخذها حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إزاء قضايا الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة، فإن عمليات سرقة المال العام مستمرة، وإن خفت بعض الشيء نتيجة إجراءات هيئة النزاهة وتشديد عمليات الرقابة.
ولم تنته كامل التحقيقات فيما عُرف بسرقة القرن في العراق عام 2022، والخاصة بسرقة الأمانات الضريبية والتي تقدر بـمليارين ونصف المليار دولار؛ لتظهر سرقة جديدة تخص أموال تعويضات ضحايا الأعمال الإرهابية والعسكرية في محافظة ديالى شرقي البلاد، قدرت بـ9 مليارات دينار (7 ملايين دولار)، أبطالها موظفون في ديوان المحافظة.
تحقيقات مستمرة
وفيما تستمر وزارة الداخلية بالتعاون مع مكتب تحقيقات ديالى التابع لهيئة النزاهة، في التحقيق والكشف عن جميع المتورطين بعملية السرقة، تم إلقاء القبض على شخصين اثنين وضبط جزء يسير من الأموال المنهوبة.
وبين مدير إعلام شرطة محافظة ديالى العقيد هيثم الشمري أن قوات الأمن تمكنت من اعتقال شخصين من المتهمين بالسرقة بينهما موظفة تعمل في ديوان المحافظة.
وأشار إلى أن جزءا من المبالغ المسروقة تم ضبطها بحيازة المتهم الأول، منوها إلى أن التحقيقات مستمرة إلى حين إلقاء القبض على بقية المتهمين.
من جانبه، أكد عضو مجلس النواب عن محافظة ديالى محمد قتيبة البياتي أن عدد المتورطين في السرقة غير معلوم حتى الآن، وأن جزءا يسيرا من المبلغ المسروق تمت إعادته بعد إلقاء الأجهزة الأمنية القبض على أحد المتورطين من موظفي ديوان المحافظة.
وأوضح البياتي أن السرقة تمت قبل نحو 8 أشهر، لكن تم الكشف عنها مؤخرا، مشيرا إلى أن الموظفة التي تم إلقاء القبض عليها لم يظهر مدى تورطها في السرقة حتى الآن وأن التحقيقات ستكشف المزيد. وأضاف أن المبالغ المسروقة قد تكون أكثر مما أُعلن عنه.
نهب ممنهج
وبحسب مصادر أمنية، فإن الفوج الثالث التابع للواء الخامس، فرقة الرد السريع في وزارة الداخلية، ألقى القبض على 4 متهمين في ديالى، وبالتعاون والتنسيق مع هيئة النزاهة، ضبطت -بحوزتهم- دفاتر صكوك، وصكوك محررة بمبالغ مالية كبيرة.
كما تم ضبط قاصات معدنية وصناديق تحتوي على مبالغ مالية محلية وأجنبية ومستندات رواتب وسجلات مصروفات، وكمية من المصوغات الذهبية وسجلات تخص الدوائر التابعين لها، حيث تم تسليمها مع المضبوطات أصوليا إلى جهة الطلب.
ويعزو رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية والنزاهة (منظمة غير حكومية) محمد رحيم الربيعي أسباب استمرار عمليات سرقة الأموال المخصصة لضحايا الإرهاب إلى اتباع نظام المحاصّة السياسية في إدارة المؤسسات الحكومية ومنها الحكومات المحلية والفساد المتفشي فيها طوال السنوات الماضية، وإلى سياسة النهب الممنهج للمال العام مما تسبب في ضياع الكثير من تلك الأموال.
ويقول الربيعي إن هناك حاجة لإعادة النظر في بعض القوانين المتعلقة بسرقات المال العام، من خلال إغلاق الثغرات التي تتسبب بهذه السرقة واستغلالها من قبل شخصيات فاسدة.
تواطؤ
وعن إمكانية إيقاف عمليات الفساد أو الحد منها في مفاصل الدولة ومؤسساتها، يرى المحلل السياسي واثق الجابري أن ذلك يتطلب التعاون وأن يكون المجتمع شريكا، فضلا عن تفعيل بعض القوانين المتعلقة بمحاربة الفساد وتشديد العقوبات.
ويقول الجابري إن حكومة محمد الشياع السوداني وضعت ضمن برنامجها الحكومي أولوية محاربة الفساد بكل أشكاله، وعقدت اتفاقات مع دول ووقعت مذكرات تفاهم.
ويرى أن الخلل ليس في الحكومة وإنما في تواطؤ بعض الموظفين في المؤسسات الحكومية مع شخصيات متنفذة وتلك واحدة من الظواهر السلبية التي تؤدي إلى الفساد.
يُذكر أن ما تعرف إعلاميا بسرقة القرن كُشف عنها لأول مرة في أكتوبر/تشرين الأول 2022، والتي تورط فيها مسؤولون سابقون كبار ورجال أعمال.
وأثارت سخطا شديدا في العراق الذي شهد في السنوات الماضية احتجاجات واسعة تطالب بوضع حد للفساد، وباتت حديث الشارع العراقي والأوساط السياسية حتى انتقل صداها إلى خارج البلاد لتتناولها وسائل إعلام عربية وغربية.
وتتمثل سرقة القرن في اختفاء مبلغ مليارين ونصف المليار دولار من أموال الأمانات الضريبية، وتم الكشف عنها من قبل عدة جهات معنية قبل نحو شهرين من انتهاء فترة حكم الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي.