خطة جديدة لإعادة هيكلة جيش المعارضة السورية
بدأت المعارضة السورية بتنفيذ خطة لإعادة هيكلة ما تسميه “الجيش الوطني السوري” التابع لها، وتهدف إلى “ضبط الأمن” في شمال سوريا وتعزيز صلاحيات وزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية المؤقتة.
وتتضمن الخطة حل المجلس الاستشاري في هذه القوات وتشكيل مجلس عسكري أعلى يضم كبار الضباط، وتقليص عدد الفصائل من 27 إلى 18، بعد دمج بعضها على أساس صنوف الأسلحة والتخصصات الفنية، بهدف التخلص من الأسس المناطقية أو الأيديولوجية.
وسيخفض عدد المقاتلين إلى النصف تدريجيا خلال فترات تمتد لعدة أشهر، وتحويل بعضهم إلى الشرطة العسكرية، حيث يتم تحسين أدائها وتعزيز صلاحياتها.
أهداف الخطة
وقال قيادي في “الجيش الوطني السوري” للجزيرة نت، فضّل عدم ذكر اسمه، إن “الوزارة قررت بدعم من الحكومة المؤقتة والتشاور مع الجانب التركي والائتلاف، البدء في عملية إعادة هيكلة جديدة للجيش الوطني السوري”.
تُبنى الخطة على ضبط الأعداد وتنظيم الفصائل في سياق الفيالق والألوية العسكرية، وخضوع المقاتلين لتدريبات في الكلية الحربية التابعة لوزارة الدفاع، وتسليم جميع الحواجز للشرطة العسكرية.
وأضاف القيادي أن الهدف هو الارتقاء بواقع الجيش، وتعزيز مركزية القرار في مناطق سيطرته، وإنهاء حال القطاعات المنفصلة لكل فصيل، وإعادة الحقوق إلى أهلها، والاستماع بجدية لمطالب السكان والعمل على حل مشاكلهم ومعالجة أوضاعهم.
ولفت إلى أنه من الأهداف المستقبلية الحد من توغل هيئة تحرير الشام في ريف حلب الشمالي، وذلك عبر السعي لضم بعض المجموعات التي تحالفت معها إلى “مظلة الجيش الوطني”. “وبالتالي سيقطع ذلك الطريق أمامها لكسب ود بعض الفصائل بالمال، وبدأنا نشاهد بوادر ذلك، خاصة في ظل الأزمة الداخلية التي تعانيها الهيئة”.
وفي السياق ذاته، سيُنشأ معبر في الغزاوية يتبع لوزارة الدفاع من أجل منع خروج ودخول خلايا الهيئة بأريحية.
وأكد قادة ومسؤولون في وزارة الدفاع بالحكومة “المؤقتة” أن الخطة تهدف إلى إغلاق المعابر غير الرسمية بين مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” ومناطق “الجيش الوطني”، واستبدالها بمعبر واحد رسمي لضبط الأمن ومنع أي تسللات من جانب الهيئة.
ضبط اتخاذ القرار
في حديث للجزيرة نت، اعتبر الباحث في “مركز جسور للدراسات” عبد الوهاب عاصي أن الخطوات الحالية لا ترقى إلى مستوى إعادة هيكلة شاملة “للجيش الوطني”، بل هي خطوات إصلاحية تهدف إلى ضبط آلية اتخاذ وصنع القرار، وتخفيف حدة الاستقطاب والاقتتال الداخلي، وإجراء تعديلات على مهام وحجم القوات.
وأوضح عاصي أن التعديلات المتوقعة في المرحلة الأولى تشمل نقل عدد من المجموعات إلى ملاك الشرطة العسكرية، وتوسيع وتطوير قوات حرس الحدود، وتحويل بعض الفصائل أو جزء منها إلى قوات للتدخل السريع أو قوات خاصة.
وأشار عاصي إلى أن الهدف الأساسي من هذه الخطة هو إنهاء حالة عدم الاستقرار في مناطق سيطرة المعارضة، وتقديم نموذج أمني قادر على ضبط المنطقة، تمهيدا لاحتمال نقله إلى مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب.
وأكد عاصي أن استمرار الضعف الأمني والاختراق الذي أحدثه دخول هيئة تحرير الشام لمناطق شمال حلب دفع الفصائل وتركيا إلى إعادة العمل على خطة شاملة لإصلاح البنية العسكرية والأمنية في مناطق المعارضة.
ضرورة إعادة الهيكلة
قام الائتلاف الوطني السوري مطلع فبراير/شباط الجاري بجولة موسعة في شمالي سوريا، استمرت لعدة أيام، وشملت مختلف المؤسسات العسكرية والمدنية.
وضم الوفد رئيس الائتلاف هادي البحرة، ونائبه عبد المجيد بركات، وعددا من أعضاء الائتلاف، وقام بجولات على الدوائر الحكومية والمجالس والمؤسسات العسكرية في مدن إعزاز ومارع والباب والراعي وجرابلس وعفرين وأريافها.
والتقى الوفد مع وزير الدفاع وقادة في “الجيش الوطني”، ومسؤولي الشرطة العسكرية والمدنية، ورؤساء المجالس المحلية، وجرى الحديث بشكل جدي عن أهمية وضرورة التغيير والارتقاء بواقع المنطقة.
يؤكد الخبير العسكري العميد محمد الخالد أن “الجيش الوطني مر بالعديد من المراحل كان عنوانها التشتت خلال الفترة الماضية، وخصوصا بعد بناء تحالفات داخله ضد بعضها البعض، حتى وصل الحال إلى أن يحدث اقتتال كما جرى بين الحمزات والعشمات والجبهة الشامية”.
ويضيف في حديث للجزيرة نت أن “إعادة الهيكلة ضرورية، خصوصا بعد تحالف بعض فصائل الجيش الوطني مع هيئة تحرير الشام وتسهيل عملياتها الأمنية داخل مناطق سيطرة الجيش الوطني في ريف حلب، مما أدى إلى توغلها عدة مرات في منطقة عفرين”.
ويشدد الخالد على أن إعادة الهيكلة يجب أن تكون بدمج جميع الفصائل لتكون تبعيتها بشكل مباشر لوزارة الدفاع، وأن يكون هناك دعم تركي لتكون الوزارة هي المؤسسة الوحيدة الجامعة لكل الفصائل من أجل الحد من نفوذ هيئة تحرير الشام بريف حلب.
المعابر
تفصل مناطق “الجيش الوطني” التابع للحكومة السورية المؤقتة وحكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام عبر معبرين، وهما معبر “الغزاوية” ومعبر “دير بلوط” بالقرب من الحدود التركية السورية.
وتفرض حكومة الإنقاذ ضرائب على أي بضائع تأتي إلى إدلب من مناطق سيطرة الحكومة المؤقتة، بحسب نوعها ووزنها، كما تقوم بحملات تفتيش دقيق على بعض المواد، وتستورد الوقود والمحروقات من تلك المناطق.
ويشير الناشط السياسي محمد الأسود إلى أن مناطق ريف حلب الشمالي تعيش حالة من الفوضى، رغم مرور عدة سنوات على سيطرة “الجيش الوطني” على مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، بعد طرد الوحدات الكردية منها. وأدى ذلك إلى حدوث اقتتالات وانتشار السلاح العشوائي.
ويؤكد الأسود أن إعادة هيكلة “الجيش الوطني” هي خطوة بدافع تركي لإعادة بناء مؤسسات في مناطق ريف حلب، وذلك بعد محاولات من هيئة تحرير الشام للسيطرة على المنطقة ووصولها إلى منطقة إعزاز شمال حلب، وكذلك تعزيز الواقع الأمني في المدن والقرى.